أي استقلال!
الاستقلال المُنجز ليس مجرد علم يُرفرف ونشيداً وطنياً يصدح وعضوية في المحافل والمُنظمات الإقليمية والدولية، بل هو في التحرّر الكامل لتراب الوطن، وترسيم وتحديد حدوده، وتفرّد البندقية الشرعية في حماية أمنه، وترسيخ الحريّة الكاملة غير المنقوصة أو المُجتزأة للمواطنين، والمساواة في الحقوق والواجبات.
هو في أساسه وحدة الشعب في نظرته إلى ماهية ومفهوم الوطن والشراكة في المواطنية، وهو في تحديد مَنْ هو العدو ومَنْ هو الصديق، وهو في استعمال الشعب للعُملة الوطنية من دون سواها، وهو في خلاص الناس من الفساد والاستغلال والمحسوبية والانتقائية، وهو في نهج الشعب تجاه العديد من المفاهيم سواء على الصعيد الاستراتيجي أو في التفاصيل.
ومَنْ يتفحص الأمور في لبنان بموضوعية وعقلانية ورويّة، يرى اكتمال بعض شكليّات الاستقلال ومظاهره من دون جوهره، وتلفته المحاولات البائسة من قبل البعض لتمويه هذه الحقيقة كمن يحجُب الغابة بواسطة شجرة!
إن الاستقلال الحقيقي للبنان في خضم الصراعات الدولية والإقليمية يستوجب العديد من التضحيات والعمل المُخلص الشاق الدؤوب من أبنائه. فيما عدا ذلك نكون في وهم كبير، ونكون في الواقع نحتفل لمدى عقود، ومن دون أن ندري، بعيد «استقلال فرنسا عن لبنان» وارتياحها من تحمّل أعباء طوائفه وعشائره وعصبيّاته ومُحاصصاته وأنانيّاته ومُناكفاته وسجالاته وفساده!
وإذا كان استقلال 22 تشرين الثاني 1943 قد تملّص من الانتداب الفرنسي، واستُكمل في 26 نيسان 2005 بالتخلص من الوصاية السورية، فنحن بحاجة ماسة الى استقلال يُطيح بالاستغلال والفساد المتأصّل، والطائفيّة والمذهبيّة البغيضة، والتبعيّة والانقياد للخارج.
عبد الفتاح خطاب