إبتزاز المجتمع الدولي!
لم يتمّ لغاية هذه السّاعة التغلّبُ على مرابضِ الفسادِ في دولةِ لبنانَ الكبير… ويتجاسَرُ مسؤولو الشّأن العام في لبنان على أن يطالبوا بمساعدات مشروع “سيدر”، في حينٍ لم تظهر جليًّا وعمليًّا وميدانيًّا إصلاحاتٌ إقتصاديّةٌ وإجتماعيّة ولم تظهر جليًّا لدى السياسيّين نوايا الإعتراف بفظاعة خطاياهم طيلة ثلاثين عامًا، وحتّى أنّه لم يتم استرجاع الأموال المنهوبة من الطّاقم السياسيّ السّالف ولم يتمّ حتّى مُحاسبة لا بل مقاضاة الطّاقم الهرطوقيّ الحالي. طبعًا فالأحزاب الطّائفيّة والطّوائف نفسُها هي الحاكمة بأمرها في لبنان الذي تحوّل منذ زمنٍ إلى أرضٍ مستباحة لأنصاف الرّجال ولناهبي حقوق المواطنين ولعملاء الخارج.
إليكم هذا المثال من وقاحةٍ خبطَ عشواء في العمل السياسيّ “الهرطقة”، إذ يُطالب عضو تكتّل لبنان القويّ النّائب ألآن عون بالحوار السياسيّ مع المجتمع الدّولي لمنح الدّولة اللّبنانيّة وعود مؤتمر “سيدر”، ويقول لصحيفة الجمهوريّة: “إنّ التواصل مع المجتمع الدولي من شأنه أن يساعد في تسريع «سيدر». كما انّ التواصل مع البلدان المؤثرة، التي يمكنها أن تقدم مساعدات مختلفة ومفيدة، هو ضروري. ومن الواضح اليوم أنّ هذه الحركة تصبّ تحديداً في هذا الإطار، ونحن بانتظار نتائج هذه الحركة الخارجية ولا يمكننا استباق الموضوع.”
ولكن لا بدّ أن نسأل: ما هي الإنجازات التي تحقّقت خلال فترة السّماح التي منحتها دولة فرنسا لدولة لبنان الفاسدة حتّى اليوم، في ما يتعلّق ببسط الدّولة سلطتها على معظم أراضيها واستعادة أملاكها المُستثمرة من عائلات وأفراد مدعومين من أحزاب إقطاعيّة، كالأملاك البحريّة وإعادة تفعيل سكّة الحديد وإنشاء معامل فرز وإعادة تدوير النّفايات الصّلبة والعضويّة وسواها من النّشاطات التي تعود بالثّروات الطّائلة على خزينة دولتنا؟! باختصار، إذا استمرّ الوضع على ما هو عليه اليوم، فسيكون ذلك بوّابة لمرحلة انتداب جديد لدولة برهنت عن عجزها لعقود عِجاف.
إدمون بو داغر