ابنوا هيكلا .. بدل البكاء على الاطلال!
نودّع سنة الكوارث، ونستقبل سنة التقشّف والتضحيات، هذا باختصار ما نحن عليه اليوم، لكن “لا داعي للهلع” فرغم تدهور الأحوال الاقتصادية قد يأتي العام الجديد بتغييرات تؤسس لمجتمع حديث أكثر تواضعا وموضوعية.
يقول الفيلسوف الروماني “سينيك”: “المحنة فرصة للفضيلة”. يجب ان نمتثل بهذه المقولة الفلسفية لنبني عليها حاضرنا ومستقبلنا القريب بنشاط وتفاؤل بدل الاكتفاء بالبكاء على الاطلال الغير مجدي. صحيح ان لبنان الذي نعرفه انتهى، لكن ذلك لا يعني بتاتا اننا نسير نحو الأسوأ، ولو مررنا بمرحلة انتقالية مؤلمة للغاية. وكي نتخطى الكآبة ونؤسس لوطن جديد يشبهنا، علينا ان نرى بموضوعية مطلقة عيوب لبنان الراحل ونشيد لبناننا الجديد انطلاقا من امثولات الماضي.
نقول “بناء لبنان جديد” وليس “إعادة بناء”، لأن الهيكل المقبل يجب ان يكون مختلفا تماما عن الذي ولّى، بل أفضل منه بكثير. لا تندموا على وطن تهدّم لا يشبهنا، وعلى مجتمع تناهى لا يشرّفنا. لبناننا الجديد هو مهد الديمقراطية لا الطائفية. قواعده شعبه لا اقطاعه. عواميده مؤسساته الرسمية لا المحميات الفئوية. لا حدود له ولا قيود. سقفه التواضع لا الاوهام. طاقته التعاضد لا الاستغلال. نوره المواطنة الرشيدة لا التبعية العمياء. ارضيته العمّال لا التجار. بيئته الطبيعة الخلابة لا الإسمنت والزفت…اي بكل بساطة لبنان الجمال والقداسة والفضيلة. لبنان الرسالة والتلاقي الحقيقي. هذا هو لبناننا. هذا هو الوطن المستدام الذي يجب ان نبنيه على أنقاض لبنان الترف المزيّف الذي استنزف ارضنا وشعبنا وفشل بأن يمسي “وطن المستقبل” لأولادنا.
لقد حوّلنا عبر العصور لبنان الجنة الى مزبلة، فلنتلقى العبر من الماضي لنقلب المعادلة بانتقالنا من قطيع وديع الى شعب ثائر قادر على تحويل تعاسته الى فضيلة، لأن “الفضيلة تحكم على كل شيء، ولا شيء يتحكّم بها” كما يؤكد سينيك.
جوزف مكرزل