اجتياح التطرّف!
أثار اقتحام مجموعة من المحتجّين الأميركيين لمبنى مجلس الشيوخ في واشنطن ردّات فعل مختلفة عبر القارات كما في لبنان حيث هزئ منهم البعض، فيما اعتبر غيرهم ان على الثورة اللبنانية اتخاذ العِبر بتخطيها حواجز امن البرلمان. والحقيقة ان هذا الحدث يظهر الوجه الحقيقي للعالم الجديد الذي يطغى عليه التطرّف، والانعزالية، والقومية المتصلّبة، والعنف الناجم عن رغبة في اسقاط المؤسسات والدساتير. والرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي رغم فشله حظي بأكثر من نصف أصوات الناخبين، يُعتبر من أهم روّاد هذه الظاهرة التي تجتاح العالم، وهو ليس الوحيد.
من السهل القول ان الأميركيين يحصدون اليوم ما زرعوه الامس، لكن ترددات هذه الظاهرة اجتاحت العالم كله بما فيه منطقتنا التي باتت على حافة الانفجار. صحيح ان الرئيس ترامب لن يفلح بافتعال حرب كبيرة في الوقت المتبقي له، لكنه زرع الفتنة في بيئات عديدة متصدّعة، وليس فقط في العالم الثالث. هذه الفتنة ستنمو وتهدم هياكل عديدة ان لم يتدارك امرها الحكام والشعوب ويعملوا على تمتين مجتمعاتهم وترميم انظمتهم المتهاوية.
الدولة الفاشلة..قاتلة!
تغلّب وباء كورونا على قدراتنا الاستشفائية، ولكنّا هلكنا جميعا لولا تفاني طواقمنا الطبية البطلة. صحيح ان المواطنين المستهترين مسؤولون عن الانتشار الجنوني للوباء، وصحيح ان الدولة كانت ملزمة بإنعاش ما تبقى من اقتصاد، لكن كان من المفترض ان يستبق وزير الصحة الأمور بمضاعفة غرف العناية مسبقا بدل معاداة القطاع الخاص، وان يتصرّف وزير الداخلية بحزم وجديّة لتطبيق الإجراءات وليس ان يتكتّف ويتفرّج ويرمي المسؤولية على الأجهزة الأمنية والمواطن الأرعن. لقد برهنت الدولة مرة جديدة انها غير واعية، وغير راغبة، وغير قادرة، وغير مبالية بحياة المواطنين، وقد تكون المرة الألف التي تثبت فيها انها فاشلة.. وأصبحت اليوم قاتلة!
جوزف مكرزل