الاصلاحات قبل الفلوس!
“مهضومين اللبنانيين”، لم يتخذ صندوق النقد الدولي اي قرارا جدّيا بعد، وبدأوا ينفقون المليارات نظريا، كل بحسب ما يشتهيه. وقد وصلت أحلامهم الى حد التأكيد انهم سيسترجعون بفضل “الدفعة” المرتقبة اموالهن المحجوزة في المصارف.. نقدا!
الإتفاق المبدئي مع البنك الدولي الذي أعلن عنه ليس عقدا جديدا، ولا يعني ان الأموال ستتدفق الى لبنان. انها مجرد مذكرة تفاهم حول المبادئ التي لم تتغير بالنسبة للصندوق منذ بداية المفاوضات مع لبنان، والسلفة الصغيرة التي رصدت مشروطة وتخضع لمراقبة دقيقة. كل ما يروّجه المسؤولون وكأنه اتفاق ليس إلا كلاما سياسيا للاستهلاك المحلي والاستثمار الانتخابي.
لا يزال الصندوق على مبادئه الأساسية وهي الإصلاحات قبل الفلوس، وهذا ما يعلمه المسؤولون جيدا لكنهم “يديرون الدَيني الطرشا” لأنهم يخشون ان تكشف الشفافية فسادهم، ويرفضون التغيير كونه يضع حدا لمسارهم المافيوي. لكنهم سيُجبرون على تغيير نهجهم كون الشروط العالمية لن تتغير وما سيعطى للدولة اللبنانية من مساعدات وقروض فورية ليست سوى جرعات تسكين لتأجيل الانهيار الشامل بانتظار الفرج. اما الهروب الى الأمام وتضييع الوقت لكسب انتخابات، فلن يؤدي إلاّ الى تفاقم الأزمات وتدنّي الأمن.
شروط الصندوق!
صحيح ان صندوق النقد رفض مشروع شطب دَين الدولة على حساب المودعين، لكنه لن يحل مكان السلطات اللبنانية التي من المفترض ان تعرض عليه برنامجا اصلاحيا كاملا، يبدأ بتوحيد سعر الصرف ويشمل جميع القطاعات بما فيها المصرف المركزي والبنوك التي ترفض الافلاس لتفادي بيع املاك اصحابها بالمزاد العلني. كما من المفترض أن يشمل إعادة هيكلة القطاع العام، وتقليص عدد الموظفين الهائل، وتفعيل العدالة والرقابة والمساءلة والمحاسبة بشكل شفاف.
لو لم يفرطوا مشروع حكومة دياب الذي كان قد حظي بموافقة الصندوق، لكنا اليوم على طريق الخروج من الازمة بكلفة اقل وسعر صرف بين خمسة وسبعة آلاف ليرة للدولار الواحد. اما اليوم فيتكلمون عن عشرون الفا. هذا إذا بدأوا بالتغيير اليوم.. وعالوعد يا كمون!