الحرب التي لن…
ليس القانون وحده الذي لا يحمي المغفَّلين. التاريخ نظيره، وأقسى.
بئس زمنٍ، لا يعرف فيه شبابه تاريخهم ومواضي مآسي أجدادهم. هم يُقتَلون، ويرتضون أن يكونوا وقوداً، في حروب ليست لهم.
وما الحروب؟ أدمارٌ فقط؟ أأهوالٌ من دماء وأجساد؟ لا بل موتٌ في ريعان الحياة، وزهو الأحلام، وزوغة التحقيق.
ولمن يموت شبابٌ من لبنان؟ أللبنان؟ لا. آلِقضايا أقوى من التخاذل؟ فليكن. ألِحَقٍ بحياة تليق بالإنسان؟ فليكن. ألِوَطَنٍ، هو بين الأرض والسماء حقيقة الحقائق؟ فلتكن دماء الأبرار جذوة حياته.
لكن، لا!
يموت شبابٌ من لبنان كرمى لأوهام من رمال، ولأفكار باتت عقائد تستَعبِد لا تُحَرِّر.
يموت شبابٌ من لبنان كرمى لقادةٍ تألَّهوا حدَّ تأطير الدين إيديولوجيا هي فوق فوق الله.
آه، ألله! مسكينٌ الله! صار له حزبٌ يستجِرُّه الى ما بعد بعد إرادته، وصارت له جمهوريَّة ملالي تستهلكه في حيثيَّات ما بعد بعد غربته، وتزفُّه بوقودٍ من دماءٍ الى جغرافيَّات تفاخر بالسيطرة عليها وبالتمدُّد عليها ومنها، وقد حوَّلتها ركاماً محاصَراً، ومنطلقاً لِنَزفٍ لا مقاربة له… وبه تفاوض لمصالحها وتعاليها.
تعالى تجبُّرها، وتهاوى الله.
آه، الله! مسكين الله! إستحكم به شعبٌ إدَّعى أنَّه المختار منه وحده. وراح ينتقم أهوالاً من أيِّ آخر كما إنتُقِمَ منه تكراراً…
بين الله الذي بات إيديولوجيا، وبات إنتقاماً. شبابٌ من لبنان إستُشهِدوا لعشريَّات سنوات، لأجيال، لقرون، لألفيَّات… وبعد؟
هم يرحلون، والألفيَّات والقرون والأجيال والعشريَّات تمحو ذكرهم ودموع أحبَّائهم.
لِمَ أجسادهم نيران حروب العبث التي ليست بإسم لبنان وللبنان؟ وهي متى خمدت لا يأتي رمادها إلَّا على حساب لبنان، وهم غدوا تراباً من ترابه. فوقهما: لبنان وهم، يتنعَّم من إستخدمهم عن بُعد، للظفر بتألُّهِهِ.
غباء المغفَّلين ليس قدراً. هو خيار الضعفاء. لمرَّة، فلنكن أقوياء بقوَّة التأنسن، ونهتف: هذه الحرب التي لن… تقتلنا.
غدي م. نصر