الدمى المتحركة و… بداية النهاية
حين صرخ تشرشل: “تصنعون من الحمقى قادة ثم تسألون من اين اتى الخراب”، هل كان يدرك أنّ لغضبه صدى يمكن أن يهزّ كيان شعب استسلم لدمى متحركة اختارها قادة له، فادّعت البطولة بإبادته لكي تحافظ على مواقعها؟
واضح أنّ ساعة الحقيقة دقّت، كاشفةً ما كان لوهلة مرفوضاً وبات من المسلمات:
– آخر الدمى استجلب لذاته التراجع عن كافة أدبياته السابقة التي –وللتذكير- أدّت الى توالد أزمات من أزمات، لقاء وصوله وبقائه وتوريثه.
– أوسط الدمى، والذي بات في حالة وهنٍ مطبق، إستجلب لذاته واقع القبول بأيّ تنازل عن مواقف سابقة، وصولاً الى شحذ منصبٍ لإعادة تعويم ذاته على حساب باقي الدمى.
– الدميّة السرمدي إستجلب لذاته صلاحيات عرفيّة فاضت على ما عداها، وهو في حال إبرازٍ مطلق لقوّته، مدعوماً من استراتيجيّات تتخطّى حدود لبنان وصولاً الى “العزة الإلهية”. ولن يقبل ببقاء أيّ من الدميتيّتن الآنفتي الذكر ومستنسخاتهما ومن يدور في مدارهما، إلاّ بعد تكرّيس نظامٍ يقوم على أنّ اتباعه هم المصدر، وجميع الباقين ملحقين.
الدمى المتحرّكة اللبنانيّة في حال افلاس، وهي بدّدت الأرث والميراث. ولبنان امام محطّة اساسيّة في تاريخه للمرة الثانية منذ ترتيبات شكيب افندي عقب احداث 1840 وما تلاها من مجازر 1860 وتصغير لبنان، وتقسيمه الى متصرفيّتين طائفيّتين. المرّة الاولى كانت عندما اغتنم اللبنانيون فرصة انشغال العالم بتطورّات الحرب العالمية الثانية، لينتزعوا استقلال لبنان.
فهل يغتنمون هذه المرة انشغال دول القرار، الاقليميّة منها بمحاور خصوماتها ووهنها، والدوليّة منها باستحقاقاتها وتراجعاتها، فيطردوا هذه المرة كافة الدمى المتحرّكة التي زعّموها عليهم فأبادتهم، ومعها منطق الاستزلام للخارج ومترتباته، لينقذوا وجودهم ودورهم وأنفسهم بأنفسهم؟
كتب فرانسوا ميتران: “أنّ التاريخ لا يقدّم لنا الطبق عينه، مرتين”. فهل يصدق حدسه، أم يبتدع اللبنانيّون ثورةً تناقضه، وتكون بداية نهاية دُماهم المتحركّة؟
غدي م. نصر