الغزالة رايقة…
عندما تَسمَعها، هذه الاغنية الطريفة، تعتقد أنَّها ما نُظِمَت إلَّا تصويراً لِعُمق إدراك زويعيمييَّ لبنان، المدنييِّن منهم والروحييِّن، ومحلِّليهم السياسييِّن، لكافَّة الصراعات والأزمات واللقاءات. هُم حاضرون فيها: يديرون دفّتها، وروَّاد محطَّاتها، وبُناة خُلاصاتِها. ويتهيأ لك، أنَّ أبرز المشاركين فيها ما كانوا ليكونوا لولا هؤلاء اللبنانيين.
والأسخف، أنَّ هؤلاء يصدِّقون أنَّ الأرض ذاتها، في دورانها، لا تخضع إلَّا لِمشيئتهم.
ها هُم في الكرسي الرسولي، مثلاً اخيراً، يتفوَّقون حيث لا يجرؤ الآخرون: أساقفتهم قبل نحو سنتين شهدوا أنَّهم “تعلَّموا الفقر من البابا فرنسيس”. وقبل اسابيع، اتى وفد مؤسَّستهم الاجتماعيَّة الى البابا عينه مُحمَّلاً بهدايا الشرق وبذخه لـ… “طلب العون”. وبلغوا الذروة بِمَن أبلغ البابا “أنَّ المسيحييِّن ليسوا في خطر كما يُصِّر البعض على وصف حالتهم.” وكان سبقه رتل من الطائرات الخاصة مُحمَّلاً بقبيلةِ الأخر المختلِف، تأكيداً لمستلزمات العيش المشترك، إجتاحت قاعات القصر البابوي، لا لشيء إلَّا لِنيل بركة “تعافي لبنان- الرسالة”.
وفاضت التحاليل وإستفاضت، مِمَّن أقسم ألف يمين، أنَّه عَرِفَ بِكلِّ ما دار في اللقاءات البابويَّة، وهو لا كاشفٌ لها فحسب بل ومُصَوِّبٌ لِمُعظمها.
أتراهم، جميع هؤلاء، يصدِّقون أنَّ البابا فرنسيس بخلفيِّته اليسوعيَّة، والمسؤولين الفاتيكانييِّن، يصدِّقونهم؟
ماذا لو علموا أنَّ مِن بينهم من قال لأحد المشاركين بأحدى الوفود: “أنتم ليس لديكم طغاة في لبنان، لنعتقد أنَّكم تخافون مِن سَطوتهم. كلُّ ما لديكم “جرذان اوبرا”… وبالكاد، فَلِمَ لا تثورونَ ضِدَّ ما يقترفونه بِكم؟”
أجل، “الجرذان” لا يستَحِقُّون زيارة الأعتاب المقدَّسة، وقد دنَّسوها. مَصيرهم السَحق!
وما أقسى ما قاله رئيس مجمع الكنائس الشرقيَّة في الكرسيِّ الرسوليِّ، خلال عظته اثناء القدَّاس الذي حضره ناصرُ المسيحييِّن بـ”الخير”: “التنكُّر للإيمان يُفقِد الهويَّة. والبحث عن الأمان عبر التحالف مع الطغاة يُدمِّر الهيكل وَيَسبي الشعب.”
لا، الغزالة مش رايقة… وإلَّا كلُّ لبنان وأنتم بـ”خير”!