باسل دلول شكراً لك!
ان تدمّر وطناً، ان تكون الإله الأوحد، الأمر الناهي، القاتل، الحارق عليك تشويه فنونه بسواد الليل وتهجير مفكريه وشنق شعرائه وإبادة عائلته، فلا يبقى داخل الوطن سوى الراعي والرعيّة والعصا الغليظة التي تسيّر القطيع.
سرعان ما يُدرك ما تبقى منا، اننا اصبحنا عاطلين عن العمل، مائدتنا الافكار العقيمة والتخيلات الحزينة، كل الشموع من حولنا منطفئة، لا نور يشعّ منها ولا حرارة تنبعث عنها، ليسرح المستبدّ وحيداً بين الناس، وبإشارة من اصبعه يبدل مصائر الشعوب ويساوم عليها كبضاعة رخيصة، ليتيبّس شجر اللوز وتتساقط دموع الزيتون على الارض الحارقة فتتقزّم فلسطين ويتيه لبنان وتحترق سوريا ويتبخّر العراق دون ان نذكر البلدان العربية الاخرى وما يدور في فلك الطامع والمستكبر والمستبدّ من افكار جهنمية.
داخل معمعة هذا الضياع هناك اناس شرفاء يحاولون ان يجمعوا ما تبقى من تراث بلادنا خوفاً من ان يتيه في الحرب وتبتلعه الحيتان، ان تتعرى الابجدية من جمالها وتنطفئ الأضواء. هؤلاء القلّة بنوا القلاع وعمدوا على تزيينها فنوناً من جميع اقطار العالم العربي داخل متحف محصّن بالارادة والثبات. الشعار لا للاستسلام لطغاة التدمير.
باسل دلول شكراً لشهامتك وخوفك على ما تبقى، ولما انت عازم عليه دون تراجع. منذ صغرك تعلّمت من والديك بأن الكتاب واللوحة والفنون على اشكالها والوانها لا تهاب سلطاناً ولا تهاب رصاصة.