جرائم بحق الإنسان اللبناني!
مع كل سطر نكتبه في مجلتنا، وكل صورة نرسمها، نتساءل إن كنا عقلاء او مجانين، وطنيين ام دونكشوتيين، شجعان او انتحاريين. تساؤل ناجم عن حقيقة لا مفرّ منها: اننا نحارب بالقلم والريشة مجموعات مافيوية سيطرت على مقدرات الوطن، وعقول عدد هائل من المواطنين. سلاحنا الكلمة وسلاحهم ماكينة منظّمة ومبرمجة لديكتاتورية كوّنت سلطانها بالترهيب.
الأدوات سهلة، اعتمدها الطغاة عبر العصور: “فرّق تسد”. ولو اكتفوا بالتفريق لهان الأمر، لكنهم يروّجون الخوف الوجودي بين مختلف الفئات، وهم متهيئون لإشعال حروب داخلية لتغطية جرائمهم بحق الإنسان اللبناني.
مع انهيار مستوى الليرة الوطنية وافتقار الشعب، لم يبق امام الشرفاء الاّ حلاًّ وحيداً: الثورة.
فدرلة الثورة..
اليوم،الثورة اللبنانية على مثال الشعب مقسّمة إربا إربا، كل زعيم على مزبلته صياح يعتبر انه الأكبر، والأهم، والأقدر، والأحق! كثر الطباخون “وشوشطت الطبخة” مرارا وتكرارا بسبب الأنانية، والشخصانية المفرطة.
هناك من يحاول تجميع أشلاء الثورة المبعثرة بشكل مركزي لكن الأمر صعب وغير مستدام، لأنه من المستحيل إدارة انتفاضة برؤوس متعددة، حتى لو وحّدت الأهداف. من هنا نعتبر ان التعددية التي تعيق نجاح الثورة اليوم، هي سلاحها الأهم للتغيير ديمقراطيا من خلال تقسيم الأدوار مناطقيا، ما يسمح بإقامة لوائح انتخابية توصل أكبر عدد منهم الى البرلمان. أي فدرلة الثورة.
الأمر ليس بهذه البساطة لأن السلطة الماكيافيلية ستدسّ “ثوار مزورين” يزرعون الشك والفتنة، هنا يأتي دور اللجنة المركزية المفترض أن تكوّن من أعضاء غير مرشحين للنيابة كي يبقوا على مسافة واحدة من الجميع. هذه اللجنة لن تترأس المجموعات بل تنسّق فيما بينها لتوحيد مساراتها المتلازمة. أما على الأرض، فالتواجد الحراكي ضروري لإبقاء قوة الدفع، لكن المكوّن الأكثر فعالية هو شبكات التواصل والإعلام المبرمجة بحسب استراتيجية علمية ومهنية.
مكوّنات النجاح جاهزة، يبقى جمعها بحنكة وعقلانية واحتراف.
جوزف مكرزل