دقَّ جرس الوطن!
عندما يختلف اثنان، أو جماعتان، أو تيّاران، أو دولتان على أمر، يتمسّك كلّ طرفٍ برأيه ، ويظهر عنادًا لا يتزحزح عنه أبدًا، كما هو حالنا في هذه الأيام، من خلافات وصدامات في الآراء والأفكار، وكلّهم ينادون: ” يا أرض اشْتدّي وما حدا قدّي”.
وضعنا المقلق والمخيف يذكّرنا بقصةٍ صغيرةٍ حدثت في إحدى القرى.
كان هناك رجلان، اختلفا على سعر صندوق البندورة، فالأول يقول: اشتريت الصندوق بأربعين ألف ليرة، والثاني يعاكسه صارخًا: بالطبع لا! إنّه يساوي ثلاثين ألف ليرة، فيعترض الأول قائلاً: كنت في سوق “الخضرا” ببيروت، وسألت عن جميع الأسعار وعرفت أنّ سعر صندوق البندورة الذي اشتريته، هو سعره الحقيقي! هنا انتفض الثاني مثل انتفاضة ” ديك الرومي” قائلاً له: أنت مررت بالصدفة بهذا السوق، أما أنا ” فبِزّي سوق خضرا”! يعني في ذلك، أنّه يمرّ بالسوق، ويطّلع على الأسعار دائمًا، كونه ينقل البريد للمركز الرئيسي، وعمله يقتضي أن يمرّ بهذا السوق يوميًا.
فيا ليت طرفًا من أطراف السياسة الحاكمة يعترف في هذه الظروف العصيبة، بأنّ السرقة مهنة معيبة، وهي من الوصايا العشر، وبدلاً من أن تحتل المرتبة السادسة فيها، يجب أن تحتل لديكم المرتبة الأولى، نظرًا إلى سرقاتكم غير المبرّرة.
السرقة والتلاعب بالأسعار والأعصاب هي من الخطايا الكبرى والمميتة التي تلحق الضرر بصاحبها أولاً، وبالمجتمع ثانيًا، وحبّذا لو أنّ بعض السياسيين يعملون بهذه الوصيّة، ويتنازلون عن حقوقهم المنزوعة بالقوة، كما يدّعون، ولو قليلاً، عندها ستتبلور الأسعار في سوق الخضار.
من فضلكم، الوقت ضيّق، والمرحلة التي يمرّ بها لبنان صعبةٌ ودقيقة، ونحن نناشدكم من أعماق معاناتنا، لأنّنا في أمسّ الحاجة إلى الاستقرار قبل فوات الأوان.
… لقد دقَّ جرس الوطن!
صونيا الأشقر