“ساعة الغَفْلَة!”
هزّت الأرض وتصدّعت الصّخور ولكنّها لم تقع حتّى الآن، لأنّها ليست سوى البداية. ولكنّها أفرزت زلازلَ على مقرُبة عينتاب ضربت إدلب وحلب وحماه ومعظم السّاحل السوريّ، وهزّت لبنان، ومضاجعَ السياسيّين الوَسِخة ولياليهم الفاجرة، ووصلت أصداء هذا الزلزال إلى فلسطين والأردنّ والعراق. على وقع 7.8 درجات على مقياس رختر، سقطت تركيا وسوريا. ولكن الرّحمة كلّ الرّحمة على أرواح من ذهبوا ضحيّة هذا الزّلزال، والرّحمة على من تشرّدوا في عراء الصّقيع والليالي البيضاء. إنّه سلاح الأرض، أقوى سلاح عرفته الأجيال منذ بدء الخَلْق إلى اليوم، لا أحد يقوى عليه، حتّى الذين يحسبهم البعض لا يموتون على غرار قيصر الجزّار، الذي ألّهه شعبه، ومن ثمّ غدر به، ولم يكن في النّهاية سوى حُفنة من تراب متناثر.
وعلى أثر كلّ ذلك، تحرّكت ماكينات متسيّدي العالَم الخبيث، للتّعاطف وتحسين صورهم الممقوتة من شعوبهم وشعوب الآخرين من خلال عرض خدماتِهم للمساعدة. وكما تقاسموا الأرض في حروبهم الغادرة، قسمَ الزّلزال الشّعب إلى قسمين، فنالت تركيا الحصّة الأكبر من المساعدات الإنسانيّة بقيادة الولايات المتّحدة. فيما تبنّت روسيا الكارثة السوريّة، فحرّكت فيالقها لمساعدة دمشق.
أمّا في لبنان، وعندما استفاقت السّلطات من سباتها العميق، جمعت قواها لإجراء المسوح لفحص الأبنية المتصدّعة بفعل الإهمال. ولكن هذه المسوح يجب أن تتمّ بشكل استباقيّ لـ”ساعة الغَفلة”، ولكن ما عسانا نقول عن مسؤولين تسلّموا زمام المسؤوليّة في لبنان على غفلةٍ من الزّمن، ولعلّهم سيرحلون عن هذا الوطن على غفلة. لنكنْ يقظين ومستعدّين ولنطلب “الرّوح المعزّي”، الرّوح القدس رحمةً بالأبرياء.
إدمون بو داغر