ستسقط الرؤوس!
العقاب آت مهما أطالوا أمَد الإفلات. العدالة ستأخذ مجراها مهما فعلوا لإلغائها. لقد وصل لبنان الى نقطة اللاعودة: لا عودة الى نظام فقد شرعيته، ولا عودة الى سياسيين فقدوا مصداقيتهم. نعيش اليوم في “العدم” او “اللاكيان” بانتظار التوصل الى كينونة تتلاءم مع الشرق الأوسط الجديد الذي لم تحدد معالمه النهائية بعد، ولو كانت أهدافه واضحة.
لا يدخل كلامنا في إطار الفلسفة، ولا في فلك التكهن والتنجيم، بل في سياق التحليل انطلاقا من معطياتنا ومعلوماتنا الدقيقة عما يدور في كواليس دول القرار من أفكار، وتوجهات، ومشاريع، ومخططات. من هنا نأسف لانعدام الرؤيا لدى مسؤولين لبنانيين لا يزالوا يهربون الى الامام معوّلين على تغيير مناطقي منقذ، فيما الرؤوس ستسقط حتما.
يخطئ من يبني احلامه على صراع الجبابرة لأنهم يتوجهون نحو التلاقي لحل الازمات المستعصية قبل ان تتحوّل دول المنطقة الى “اراض محروقة”. وفي هذا السياق تتواصل فرنسا مع دول القرار لتوحيد الرؤى، بين من يريد تكوين أنظمة ديمقراطية تحقق سلاما مستداما، ومن يعتبر ان الحل بنسف الموجود وإعادة الترسيم.. على جثث الشعوب.
اليوم أرخص من غدا!
صحيح ان إسرائيل وحلفاؤها، يعملون على تفكيك وانهيار دول الشرق الأوسط التي لا تزال ترفض التطبيع. وصحيح ان الدول “العاصية” مثل لبنان وسوريا ستضطر للرضوخ لـ “مشروع سلام” لا يتلاءم مع معاييرها كي لا تضمحل، لكنها لا تزال حتى الآن تقاوم رغم المآسي والمصائب التي تنهال على شعوبها. وفي هذه الاثناء تتراكم كلفة إعادة اعمار الاقتصادات المدمّرة والمجتمعات المفككة والمفقّرة، التي سيتكفّل المجتمع الدولي بتمويلها، ولو جزئيا، الى ان تستعيد الدول والشعوب قدراتها على النهوض. وبما ان الاقتصاد العالمي منهك، وتغطية التكلفة اليوم أرخص من غدا، والغد أفضل من بعده، من مصلحة الجميع إنهاء النزيف قبل فوات الاوان.
جوزف مكرزل