سَتَنْجلي الحكمة، بالعَوْدة إلى الجُذُور!
لعلَّ الحديث في هذه الأيّام بالتّورية، وليس بالكلام المُبَاشِر والصّريح، يستسيغُهُ البعض ويجدون فيه رنّةً خفيفةً لا تُمزّقُ أوتارَ مشاعِرِهم وانتماءاتهم وحساباتِهم الواهية… نعم، لأنّ المرء هو ابنُ بيئتهِ ولو كانت فاسدة، فعندما تمسُّ حساباتهِ الخاصّة، يَنسى المروءة، ويدوسُ الحقيقة وتتملّكُهُ الأنانيّة ويعزِلُ نفسَه. لقدْ أُثبِتَ عبر العصور في مَجَال اللّغة والكِتابة، أنّ الأسلوبَ المَجَازيَّ هو أقوى طريقة للشّتم والهِجاء وللتّقريظ والثَّناء.
مِن جهةٍ، لولا المُعوَّقُ أخلاقيًّا والعَقُوْق[1] و”الرّقيق”[2] لكُنّا عن حَقّ بألف خيرٍ وخير!
من جهةٍ أخرى، مَنْ يُمكِنُهُ أن يمنعَ المُعلّمَ والرَّسَّامَ والشّاعرَ والكاتبَ والصّحافي من التّعبير وبحريّة، مُثبِتًا إنسانيّة الإنسان أيْ الجزء الإنسانيّ الحقيقيّ منه، وليس الحيوانيّ الغرائزيّ؟!
نكرّرُ ما قالَهُ يومًا أبو العَلاء المَعَرّي:
“طَهَارَةُ مِثلي في التَّبَاعُدِ عَنْكُمُ
وَقُربُكُمُ يَجني هُمُومي وأَدْنَاسي”
ما من شيْءٍ في الحياة وَليدُ صُدفةٍ، وخسئَ من أثبَتَ باطلاً وبُهتانًا “عقيدة” أحداث الصُّدَف. بدأت الأقنعة هنا وهناك وهُنالك، عندنا وعِندهم تتمزّق وتكشِفُ عمّا كان مستورًا لعقودٍ وعقودٍ حتّى بَلَغْنَا القرنَ والنّيّف… ما هو مؤكَّد، أن المُجتمعاتِ لن تعود إلى سابق عهدها الكالح، وسَتَنْجلي حقيقةُ الجُذُوْر قريبًا، والجميع سيحمِلُ رايةَ انتمائه الأصليّ، وها هي البداية. لنستمعْ فقط لصوتِ الدّاخل!
إدمون بو داغر
[1]المُتمرّد والمُتكبر
[2]العبدُ المملوك