عصر اللامحبوبين!
برحمة ديانا،
لم أكن أتوقَّع يوماً، أنا الذي كبرت على محبَّة أميرة القلوب البريطانيَّة، وعشقت طلّتها، وأغاثتني إبتسامتها في زمن الحروب اللبنانيَّة وآلامها، أن يفرح البريطانيُّون يوماً لتتويج غريمتها والسبب الرئيس في إنهيار زواجها من تشارلز الثالث، ملكة. ألهذا الحدِّ من التنكّر لقيم الحياة بلغت يوميَّات المملكة التي لا تغيب عنها الشمس، لدرجة أن تموت القدوة ليتمجَّد من بالباطل تنعَّم فقهر وتظلَّم؟ صدق هاري العظيم الذي خرج من هذه الدوامة القاتلة الى ملء الحياة الوادعة.
برحمة باسكال،
لم أكن أتوقَّع يوماً، أنا الذي كبرت على ثقافة أكاديميَّة ريشوليو للفكر والحضارة، وعشقت أدباءها، وأغاثتني أحلام أبطالها، فطويت معهم صفحات الحروب اللبنانيَّة وآلامها، أن يغرم رئيس فرنسي يوماً بإمبراطوريَّة فارس وفتاوى مرشدها الأعلى وثلاثيَّة حزبها الإلهوي ومرشحه الفرانكوفوني الأصيل وسوريانيَّته على حساب لبنان-لامارتين وسقوط ملاكه على قمم أرزه. ألهذا الحدِّ من التنكًّر لقيم التاريخ بلغت يوميَّات جمهوريَّة الحريَّة، والمساواة، والإخاء، لدرجة أن تقطع رأس تاريخ مشترك من بطولة وإخلاص وتفانٍ ليتمجَّد من بالباطل يتنعَّم فيقهر ويتظلَّم؟ صدق لابرويار العظيم الذي بكتابه “رسائل فارسيّة”، إنتقد فرنسا المفتونة بدوَّامات قاتلة من سراب يوهم ملء الحياة فيتنكَّر لها.
برحمة جبران،
لم أكن أتوقَّع يوماً، انا الذي كبرت على هدى نبيّه المغادر أورفليسه ليعود الى مشرقه، وعشقت مسيحه الذي أغاثني صلابة، فقمت معه من موت الحروب اللبنانيَّة وآلامها، أن يعود بعد مئة عام الى نيويوركه التي مات فيها… هرباً من صهر حامل لإسمه يتخبَّط تزلّفاً مستمطراً التبريكات تارةً على الحزب الإلهويِّ لعلّه يُجلِسه على كرسيّ عمِّه، وطوراً لوليِّ عهد كثبان الرمال ويوليه عرش اوروبا، لعلَّه يزُفُّه الى الكرسيّ عينه. ألهذا الحدِّ يُغتال لبنان ألف ألف مرَّة؟
كان لينين يسخر مُحَذِّراً من “المجانين المفيدين”.
ها عصر اللامحبوبين يُغرِقُ العالم زجراً… للنهاية.
غدي م. نصر