قاموس المصطلحات اللبنانية!
فقدت اللغة العربية سجيتها وبراءتها في لبنان، وبعض الكلمات صارت بحاجة إلى صفات تلازمها كي توضحها وتنفي عنها اللبس أو الشبهات! مثل القضاء المستقل (أي ليس مسيساً)، الوفاق الوطني (أي ليس «تطبيقة» بين طرفين)، حكومة الوحدة الوطنية (أي حكومة تجمّع الأضداد) …
والكلمة ذاتها قد تحتاج إلى مرادف كي يتم تحديدها بدقة مثل مصدر مسؤول، مصدر مطلع، مصدر مقرّب، مصدر رفض الكشف عن اسمه، مصدر معني، مصدر أمني، مصدر رفيع المستوى، مصدر أمين، مصدر واسع الاطلاع، مصدر موثوق، مصدر على صلة بكذا…
وقد تم إضافة تعابير جديدة إلى المصطلحات السياسية مثل الميثاقية، الأكثر تمثيلاً في طائفته، الأكثرية الشعبية، الجوجلة، الاستئناس، الاستشفاف، الاستنهاض، الأجواء السياسية…
كما أصبحت أسماء بعض المناطق مرادفة لشخصيات أو تجمعات سياسية مثل بعبدا، الوسط، مجدليون، عين التينة، المصيلح، عائشة بكار، المختارة، معراب، الرابية، حارة حريك، عوكر، الديمان، بنشعي …
وهناك كلمات وصفات ومفردات بل وأرقام تحولت إلى أسماء علم مثل بيي الكلّ، الأستاذ، الشيخ، الجنرال، الحكيم، الشقيقة، الأم الحنون، دولة الاستكبار، القوات، التيار، الزعيم، الحقيقة، 10452!
كيف نشرح لغير اللبنانيين مفهوم الديمقراطية التوافقية؟ كيف نعلّل طلب مشاركة المعارضة للموالاة في الحكم؟ وكيف نفسّر معاني الثلث الضامن، والثلث المعطّل، والثلث المشارك، والحصة الوازنة، والوزير الملك؟ ومعنى الحقائب الوزارية السيادية؟ وهذا كله مجرّد غيض من فيض!
وبسبب محاولة تجنّب اللبس والشبهة، وإثارة هذه الجهة أو الصدام مع تلك، أو التصنيف مع هذه الفئة أو الاتهام من قبل تلك، يصبح الحديث والكتابة مخاضاً عسيراً ومسيرة خطرة في حقل من الألغام.
وتسألون لماذا يلزمنا ساعات لتسطير خاطرة من عشرة سطور؟!
عبد الفتاح خطاب