كنز لا يفنى !!
يعزو البعض بقاء لبنان واستمراريته، بالرغم مما حدث في تاريخه الطويل المرير … ويحدُث … وسيحدُث، الى قوى إلهية ربّانية تحفظُه وتحميه، وترعى شؤونه وتلطُف بمواطنيه·
ويعزو البعض الآخر السبب الى طبيعة اللبنانيين وملكاتهم الفطريّة، وقدراتهم المتنوّعة، وحبّهم للعيش والحياة·
أما السبب الحقيقي، برأيي، هو ان لبنان كان ولا يزال، مرتعاً للنهب والسلب والفساد، وموقعاً ممتازاً لتكوين الثروات الخيالية، ومركزاً لعقد الصفقات المشبوهة مع ضمان التستُّر والحماية المُطلقة.
في زمن الحرب يُكدّس المُستغلون مُنتهزو الفرص الثروات من عذابات الناس وآلامهم وجراحهم ورُعبهم، ومن نقص المواد والخدمات، ومن وضع اليد على الأملاك العامّة، وعبر تفريخ «أودية الذهب» ومناجمها.
ومع انتهاء الحرب يُضاعفون ثرواتهم مرّة اخرى من سرقة المُساعدات والمعونات، ومن ما يُسمى زوراً وبُهتاناً ترسيخ السلم، وإعادة الإعمار والبناء، وإعادة المُهجّرين.
وفي زمن «السلم»، يغنمون بسبب جشع الاحتكار تحت غطاء نظام الاقتصاد الحُرّ (حُر من دون رقيب أو حسيب) ومن استباحة الناس وسرقتهم وغشّهم في طعامهم وكسائهم واستشفائهم ودوائهم، ومن خدمات الماء والكهرباء، ومن التعليم والأقساط المدرسية والكتب والمُستلزمات، ومن رشاوى المعاملات الحكومية، ومن المُحاصصة في المُناقصات وفي الوظائف الحكوميّة … وهذا غيضٌ من فيض.
هذا ما يحصل في حياة اللبنانيين… أما في مماتهم فيسرقونهم في تكاليف الدفن وإجراءات توثيق الوفاة والإرث!
يُضاف إلى ما تقدّم أعلاه ما جرى من تواطؤ تحالف السُلطة ومصرف لبنان والمصارف والصرّافين لنهب ودائع الشعب بأكمله، ثمّ الإجهاز عليه من خلال سرقة الأغذية والمواد والأدوية المدعومة، ولعبة سعر الدولار الجهنميّة، والتلاعب بصحة المرضى في ظلّ جائحة كورونا!
للأسف … وعلى خلاف المثل المعروف، فإن نهب لبنان واللبنانيين هو الكنز الذي لا يفنى!
عبد الفتاح خطاب