مرحلة “تخلّي” …
يُقال أن من يقوم بفعل ليس من شيَمه قد وقع بلحظة “تخلّي” وهذه اللحظة ممكن أن ينتج عنها مصائب كبيرة وتكون لها تبعات كثيرة. إنما نحن اليوم نعيش في بقعة من الأرض تخلينا عن الانتماء إليها وتخلينا عن المطالبة بحقوقنا فيها وتخلينا عن المنطق والكرامة والانسانية وحتّى من بيدهم زمام الأمور تخلّوا عنّا وعن اتخاذ القرارات وبتنا منزلقون في منحدر انهيار طويل ما من ينتشلنا أو حتّى يحاول ايقاف انزلاقنا أو ابطائه … نعيش في مرحلة تخلي عن أنفسنا!
طبعاً مَن مِن المفترض أن لا يتخلّى عن رباطة جأشه تخلّى عنه لسانه وتحكّمت به ردّات فعله فكلفنا جحافل من مقبّلي الأيادي في مناوبات لالتماس رضى أصحاب الريالات! “ويا حَيف عالرجالات”! هي غلطة الشاطر بألف ولكن ليست سبباً كافياً لمشاهد إذلال النفس إنما من اعتاد على الانبطاح لم يعد يعرف كيف يمشي باستقامة! وطبعًا الحادثة شكلت سبباً لنا لننقسم بالآراء بين مناصر للشاطر وحامل راية الدفاع عن المهاجر الذي يعمل في بلاد “البدو”!
لسنا بموقع لا الشماتة ولا التصفيق “إذا شي” نحن بموقع الخجل ممن يمثلنا وبيده مصيرنا الذي لم يعد على حافّة الهاوية بل في القعر هناك حيث تخلينا عن كرامتنا! لكن “مين سئلان” ؟! لا ننتظر من أحد انقاذنا ولا نريد انقاذ أنفسنا. نستقوي على الأطراف الخطأ وتهبّ فينا معالم الرجولة وننجر الى ساحة معركة لا هدف منها سوى أن نثبت لأنفسنا أن لدينا القوّة للتحرر لكننا متخلون عن الفكرة!
نحن في مرحلة التخلي عن وطن بذلت من أجله أنهار من الدماء متمسكون بذكريات ماضٍ موجع من دون أن نتعلّم منها، عالقون في أيام الزعرنات والبطولات الفارغة ومتخلون عن المستقبل!
اليانا بدران