من لا يجنّ فليس بعاقل!
وأخيراً وجد سياسيو الأزمة اللبنانية على اختلاف توجهاتهم قاسماً مشتركاً فيما بينهم وهو أن يُحوّلوا أفراحنا أتراحاً وأن تمر المناسبات والأعياد حزينة مشوبة بالقلق على مستقبل بلدنا وأولادنا، فليس مهماً لديهم أن تنهار مؤسسات البلد وما بقي من مقومات استمراريته، ولا يعني لهم شيئاً تضعضع الوضع الاقتصادي ووقوعه في الهاوية والافلاس، وغير ذي شأن أن تطلّ الفتنة بأنيابها مهدّدة بالتفجير، ولا يهم أن جائحة كورونا تفتك بالناس من دون اتخاذ الاجراءات والتدابير الناجعة، وليس على قائمة اهتماماتهم كشف من تسبّب بتفجير العاصمة ومن سرق أموال المودعين… المهم هو أن تتمسّك كل فئة برأيها وثوابتها وقناعاتها وحصصها.
لقد أشاح هؤلاء السياسيون بوجوههم بعيداً عن المأساة المعيشية للناس وعن مطالبهم بحدها الأدنى، وغضّوا الطرف عن نداءات العقلاء الذين دعوا إلى التضحية وإنقاذ الوطن دون شروط مسبقة ودون عناد ومكابرة.
لكن الحق يقال انّ السياسيين بعيدون عن الملامة طالما نحن ارتضينا أن نتصرّف مثل النعاج التي تقاد إلى حتفها في مذبح المصالح الفئوية والأنانية، فلم نرفع أصواتنا رفضاً لهكذا مصير ولم نزلزل الأرض تحت أقدامهم ونفتك بهم دفاعاً عن مستقبلنا ومستقبل أولادنا وأحفادنا.
أردد مع الشاعر أحمد الصافي النجفي: «إنّا لفي زمن لفرط شذوذه … من لا يجنّ به فليس بعاقل»!
عبد الفتاح خطاب