“مَرج بِسري” حِصرِمٌ في عيونكم!
لن نتطرّق هذا الأسبوع في مقالتنا إلى جَمَاد حكومة الكَيْديّات والتي تَنْحَدِرُ بلبنان نَحْوَ هاوية غَياهِب الظّلام الحالك، بل سنُوجّهُ البوصَلَة إلى مَرْج بسري العَظيم بتاريخِهِ وإرثِهِ وخَضارِه، وإلى سَفالةِ نَوَايا زُمرةٍ عصابيّة تتّفق على جرفِ أخضرِ هذا المرج العَريق. ومَن يتشدّق دفاعًا عن مَشروع السدّ الشّرير، فهو إمّا جاهلٌ وإمّا أُعْمِيَت بصيرتُهُ العلْميّة والأخلاقيّة.
قانونيًّا، يُخالفُ مَشروعُ سدّ بِسْري المادّة السّابعة من مَرسوم أصول تقييم الأثر البيئي رَقم 8633/2012، والمادّة الرّابعة من قانون حماية البيئة رقم 444، وقرار تصنيف مجرى النّهر الأوّلي من المواقع الطّبيعيّة رقم 1/131، تاريخ 1/9/1998، وإتّفاقيّة باريس للتّغيّر المَنَاخيّ، وأهداف التّنمية المُستَدَامة لعام 2030، وسواها من الإتفاقيّات والإستراتجيّات الدّوليّة للحفاظ على التّوازن البيئيّ.
علميًّا، تُسخّفُ الحكومة المخلوعة وحكومة الجَمَاد الحاليّة، كلَّ الدّراسات المحليّة والدّوليّة الخاصّة بطبيعة مرج بسري ولا سيّما التي تشدّد على الفوالقِ الطّبيعيّة القائمة عليها أرض المَرج، والآثار البيئيّة التي ستتأتّى عنها لاحقًا من كلفة باهظة مُقابل نتائج معدومة، ومن تلوّثٍ وتبخّر للمياه وتسرّبها بفعل التّشقّقات داخل السّدود وتهجير السّكان وتهديدهم بخطر حدوث زلزال جارف، ناهيك عن قتل مئات الحيوانات والأسماك والنّبات، واندثار تنوّعٍ بيولوجيّ برمّته.
ثقافيًّا، تُهزّئُ الزّمرة العصابيّة الإرث التّاريخيّ والدّينيّ المُتواجد في المَرج منذ آلاف السّنين: كنيسة مار موسى الحبشي، ودير القدّيسة صوفيا ومعبد رومانيّ، وآثارات دفينة أخرى، فضلاً عن أنّ هناك رأيًا يرتكز على وثائق تاريخيّة بأنّ المسيح مرّ بمرج بسري، عندما توجّه من صيدا إلى دِمَشق سالكًا الطّريق الذي كان يمرّ بالمرج.
السّدود في لبنان لجمعِ المال بدَلَ الماء، ولأنّ “ما بُنيَ على باطل هو باطل”، فَلَن يُبصرَ السدُّ النّورَ بفضلِ أصحابِ الأيادي البيْضاء.
إدمون بو داغر