“والعَتَب من كتر المحبّة”!
“فرنسا فرنسا، ماذا صنعتِ بمواعيد معموديّتك؟” (البابا القدّيس يوحنّا بولس الثّاني).
يعكسُ القول أعلاه للبابا يوحنّا بولس الثّاني عتبًا مقرونًا بالمحبّة، لأنّ هذا البابا القدّيس هو ومن دون أدنى شكّ Francophile، أيْ محبّ لفرنسا وللفرنسيّين ومتعلّق بالتّراث الفرنسيّ الملكيّ_المسيحيّ وهو تُراثٌ رفيع وجليل ومهيب، وكان منارةً أوروبيّة وبدون منازع! وهذه شهادةُ مفكّرين وكتّاب وشعراء وصحافيّين كبار عن المحبّة التي يُكنّها البابا القدّيس لفرنسا.
نستذكرُ في مُستهلّ العَودة المدرسيّة لهذا العام البروفيسور Samuel Paty، الذي رحل ضحيّةَ رسالةِ التّعبيرِ الحرّ والنقديّ في التّعليم الأكاديمي لمقاربته موضوعًا نقديًّا دينيًّا إسلاميًّا ومحوره “محمّد الرسول”، فكانت النّتيجة أن ذُبح على يدِ طالبٍ إسلاميّ متطرّفٍ ومريضٍ بكلّ ما للكلمة من معنىً، وهكذا عناصر “طلابيّة” لا مكان لها في وسطٍ متنوّر يقارب المواضيع بمستوىً علميّ ونقديّ. هذه هي حال فرنسا اليوم “البنت البكر للكنيسة” (والتي ستعودُ يومًا كذلك) والتي غزَتْها الخلايا السّوداء التي تنتظرُ حلول السّاعة كي تفتك بها حتّى السّقوط. ومهما حاول مسؤولو فرنسا السياسيّين حمايتها أو تطهيرها، فلن يُفلحوا مادامت الحدود الأوروبية مشرّعة بحكم مبادئ الاتّحاد الأوروبي، ناهيك عن أنّ السلفيّين غَزَوا أوروبا برمّتها، فباتت القارّة العجوز مُصابة “بوباء” الإسلاميّين الظّلاميّين وذلك منذ إرساء قانون 1905 الذي غيّر وجه فرنسا من “البنت البكر للكنيسة” إلى “البنت المتنكّرة لكنيستها”. “والعَتَب من كتر المحبّة”! نتيجةً لكلّ ذلك يلتقي مصير أوروبا عمومًا وفرنسا خصوصًا مع مصير لبنان: سفك الدّماء من أجل حريّة التّعبير ثمنًا للانفتاح على مختلف الدّيانات.
ختامًا، صرّح يومًا الفاتيكان عندما زار البابا بنديكتوس السادس عشر فرنسا عام 2008 بأنّه “يتقبّل العلمانيّة الإيجابيّة التي لا تتعارض مع الايمان” وشدّد على الأهمية الجوهرية “للقيم المسيحية” في المجتمع.
إدمون بو داغر