أشدّ الناس عذاباً!
إنّ الأمراض التي تصيب الانسان لا تعدّ ولا تحصى، منها الخطير المميت ومنها ما يمكن شفاؤه.
وقد أنفق الانسان خلال مئات السنين البلايين من المال والجهد كي يتوصل الى اكتشاف عقاقير وأدوية مضادّة لما يصاب به، وأنشأ الآلاف من المختبرات من اجل ابحاثه وتجاربه.
صار بإمكان العاقر انجاب الاطفال بواسطة أنبوب… والمعطوب بكليته زرع كلية، والمصاب بقلبه وضع بطارية، وصولاً لمئات الأمثلة والعلاجات المختلفة.
لكن أشد الامراض فتكاً بالانسان والتي لم يستطع العلم والطب عبر مشوارهما الطويل اكتشاف الدواء الشافي لها، هو مرض “الاحساس المفرط”!
فالمريض بأحاسيسه محكوم عليه بالاعدام، وهو حيّ.. وبالسجن المؤبد وهو طليق، كالعصفور لا يعلم متى يسقط برصاصة!
إن أراد النوم، نام وهو يحلم بالكوابيس التي يعيشها في نهاره وليله… إن أراد الضحك كان ضحكه – كما يقول المتنبي – كالبكاء.. وإن أراد ممارسة الحب فعل ذلك وهو يسخر من نفسه!
فالمريض بأحاسيسه أتعس انواع البشر، تزداد تعاسته إذا فرضت عليه الأقدار ان يحيا وسط مجتمع معيّن، وجوه أبنائه مطليّة بدهان التفاهة… ونفوسهم مجبولة ببقايا القشور!
ثيابهم موقّعة وأعماقهم تشبه جوف البالون!
لا شك في ان مثل هذا الانسان يكون أشد الناس عذاباً!
جهاد قلعجي