أين راحة البال؟
أين نحن من عبارة “راحة البال”؟
أين نحن من مضمونها الذي ينعش النّفوس؟
كم اشتقنا إلى نكهتها التي أصبحت من الخيال!؟
مصيبتنا في لبناننا أنّ مسؤوليه لا يشعرون بالمسؤوليّة الحقيقيّة، فإنّهم يعيشون القشور والفجور على حساب كلّ مقهور، وهذا ما يذكّرنا بعبارات فلسفيّةٍ، ضيعويّةٍ نابعةٍ من الصّميم الحياتيّ الذي نعيشه اليوم بتفاصيله كافّةً.
لقد وقع خلافٌ كبيرٌ في ضيعةٍ بين أهلها، أدّى هذا الخلاف إلى وقوع جرحى، وطبعًا كانت عدّة الأسلحة في ذلك الزّمن من صنع أبنائها، مثل: (الرّفش والمعول والمنجل والعصي…) وبعد معركةٍ داميةٍ منقسمةٍ إلى فريقين، حيث كان كلّ فريقٍ مكوّنٍ من خيرة شبابها، وبعد الحادثة الأليمة، نُكّست أعلام السّلام بين أهلها وأُلغيَت مراسم الاستقبالات التي كان عنوانها الأوّل : “فنجان قهوة مطعّم برائحة الهال الأصيل”، أمام هذا المشهد المأساويّ الّذي ساد في الضّيعة، وعلى الرّغم من محاولات مختار الضّيعة إلى تهدئة العصبيّة بين أهلها، إلاّ أنّها باءت بالفشل، لأنّ النّزاع بدأ يتفاقم أكثر فأكثر، وأمام هول المصيبة، كالعادة تبدأ مشاعر فلاسفة الضّيَع تتأجّج تجاه عرفان الجميل لتراب ضيعهم الصّادقة، لذا من شدّة الألم والحسرة التي كان يشعر بهما العمّ “نبيل” فيلسوف تلك الضّيعة، قرّر أن يقف في وسط السّاحة ويبدأ بالصّراخ قائلاً: “مشْ رحْ تتقدّمْ ضيعتْنا يا بو كَحلة، ضَيعتْنا عِكّازةْ عِميان بْتتنقّلْ من وحلةْ لوحلةْ”!!
أليست هي ذاتها “الوحلة” التي نعيشها اليوم؟ ، وإن اختلفت أنواع أسلحتها، يا ترى من هو الفيلسوف الحقيقيّ الصّادق الذي سيضع الإصبع على الجرح؟، تعدّدت الأصابع والجروح، وأصبح الموت سيّد المواقف، والنّتيجة نحن الشّعب المقهور لا يسعنا إلا التّنقّل “من وحلة لوحلة”.
لقد وحّلْتُم حياتنا، وحولتموها إلى مزاريب من الوحول القاتلة، لأنّ الذي سيبقى بين البوسطة والشّاحنة هو “أبو كحلة”.
صونيا الأشقر