إقتراب الإنتحار الكبير!
تأهُّبٌ على البرّ، إستنفارُ بوارجَ في البحر، وفي الجوّ طائراتٌ ديبلوماسيّة تُقلُّ ديبلوماسيّين أميركيين إلى المنطقة. والشّرطُ الوحيد الذي يمنع إيران من الرّد بحجم الانتقامِ على اغتيالِ زعيمِ حركةِ حماس إسماعيل هنيّة على أراضيها هو وقفُ إطلاقِ النّار في غزّة. وفي حال إخفاق هذه المفاوضات أو مماطلة إسرائيل فإنّ إيران وحلفاءَها سيشنّون هجومًا مباشرًا على إسرائيل. أمّا في حالِ الخضوعِ لمفاوضاتِ التّهدئة هذه فماذا سيحدث بالمصير السياسي للصهيونيّ المتطرف بنيامين نتنياهو؟ الجميع يعلَم أنّ حربه هي دينية قبل أيّ شيء آخر. وها هي CNN تكشف أنّ نتنياهو أضاف شروطًا إضافيّة على “صفقة مفاوضات” وقف إطلاق النار، وبالتّالي أصبحت الأرضيّة خصبة للعرقلة، والحرف الأوّل من اسم المعطّل هو “ب”، باعتراف وزير حرب بنيامين نتنياهو. وأمام كلّ هذه الأحداث الملتهبة، إشرأبّ عُنُقا ملك الأردنّ عبدالله الثاني بن حسين ورئيس جمهورية مصر عبد الفتّاح السيسي خوفًا من حرب إقليمية تدمّر بلدَيْهما ما يعني أنّ كلّ ما هو بعيد عنّي لا يعنيني، فهؤلاء هم “العَرَب الجَرَب” أهلُ الجُبنِ والخداع. ولكن حُطام الجرّة وشظاياها ستطالُ الفَلَوات.
يقول المثل الروسيّ: “إذا أردتَ السّلامَ فاستعدّ للحرب”!
توازيًا، بدأ المحلّلون السياسيّون والباحثون في كواليس العمل السياسيّ الدوليّ يتحدّثون عن انتحارٍ جماعيّ بسبب المغامرة الأوكرانيّة في عمق الأراضي الروسيّة وتحديدًا “كورسك“، ما قد يدفع روسيا إلى تطبيق عقيدتِها النووية التي تنقسم إلى ثلاثة بنود رئيسيّة: 1) إذا استخدمت إحدى الدّول سلاحًا نوويًا أو وجّهت ضربةً عسكرية ضدّ روسيا، يحق لهذه الأخيرة أن تستخدم السّلاح النوويّ. 2) إذا شارفت روسيا على خسارة حربٍ ما. 3) وإذا انتُهكَت أرضايها. غيرَ أنّ هذا يُلزمُ القارئ توجيهَ نظَرِهِ في الوقت عينه إلى حلف الناتو الذي يبدو أيضًا أنّه يهدفُ إلى توجيه سهامه النووية نحو روسيا. ويعتبر الرّئيس الأوكراني فولديمير زيلنسكي أنّه لا يرغب باحتلال روسيا، وهذا التوغل داخل أراضي هذه الأخيرة هو لإلزامها على القبول بمفاوضات السّلام وللإظهار للغرب أنّ أوكرانيا جديرة بامدادات السّلاح. ولكن هذه الخطوة ستودي بحياة عددٍ كبير من دول الكوكب لأنّ “الدبّ الروسيّ” على ما نعرفه لن يخضع بسهولة. وها هي موسكو تُجري تدريباتِها البحرية لاستهداف مواقعَ داخلَ أوروبا وبريطانيا بصواريخ ذات قدرة نووية، وهذا ما أعلنته وثائق سريّة كشفتها Financial Times في ظلّ التوغّل الأوكرانيّ الأخير داخل الأراضي الروسيّة. وبحسب الخرائط قد تبلغ صواريخ روسيا النووية الساحل الغربي لفرنسا وكذلك المملكة المتحدّة كعرض تقديمي لضبّاط روس، ويعود هذا المشروع بحسب الوثائق لعام 2008.
تنطوي أيضًا هذه المخاطر وفق Financial Times على احتفاظ روسيا بالقدرة على حمل أسلحةٍ نوويّة فوق سفنٍ سطحيّة وكذلك على مناورة قوّاتها البحرية لتنفيذ ضرباتٍ مفاجئة واستباقية بصواريخ واسعة النّطاق والمدى. وفي هذا السياق يعتبر الصحافيّ وأستاذ العلوم السياسية في جامعة موسكو نيزار البوش أنّ روسيا “تنطلق من اعتبار وجود حلف الناتو على حدودها دون مبرّر تهديدًا لسيادتها ما يدفعها إلى تنفيذ هذه المناورات النووية وهو السلاح الرّادع لديها. علمًا أنّ لفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية أسلحة نووية أيضًا وكلّ هذه الدول تنتمي لحلف الناتو، وهذا الأخير هو بحدّ ذاته تهديد لروسيا، وخصوصًا أنّ فلاديمير بوتين أعلنَ في العام 2007 أنّ العالَم يجب أن يكونَ متعدّد الأقطاب. وقد حذّر في العام نفسه من محاولة توسّع حلف الناتو حتّى حدوده.”(موقع قناة المشهد-14 آب 2024). وفي سياق التّذكير، الولايات المتّحدة الأميركية هي أوّل من استخدمَ السلاحَ النوويّ في ناغازاكي وهيروشيما في اليابان، هذا وقد استخدمت السلاحَ الكيماويّ في العراق ويوغوسلافيا والفيتنام. وهذا الرّصيد الحافل من استخدامات النووي والكيماويّ يجعلُ روسيا وسواها من الدول حذرةً بل متأهّبةً لأيّ اعتداءٍ طارئ الأرضيّة.
إدمون بو داغر