الازلام والغلمان… وواقع غوديزيلا
في جهنم التي تمّ اغراقنا فيها، تصارع بين الأزلام والغلمان، والجميع يكّمل “باللي بقيوا”، “ع اللي بقيوا”، وفق فائض قوّة يجده كل فريق في الذراع التي تحرّكه من الخارج وتعيد احياءه كلّما تهاوى، فيتفنّن في إضاعة الفرص خدمة لتلك الذراع مع الأمل في تحقيق هذه الغاية.
هذا ما يمكن تسميته بـ “واقع غودزيلا” نسبة الى الوحش المدمّر الذي ما ان يُصَوّر انّه تمّ القضاء عليه، حتى تتوالد من ذاته وحوش عدّة اكثر التهاماً. به يتم تعميم ترسيم جدران فصل بين الافراد والجماعات والمناطق في الوطن الواحد المنهوب والمنهار… وصولاً الى استبدال شعب بأخر.
والعالم قرف من “واقعنا”، وله واقعه…
فالغرب غرق في “العصر الجليدي” القائم على 3 مقومات مزدوجة: التفكك والانحلال، الضعف والتخاذل في الاقدام، فقدان حسّ الريادة الحضارية. وسبب ذلك عاملان: التفلّت الديني واعلان موت الله من جهة، وتأليه الفرد مع تسلّط جنوح رغباته من جهة ثانية. الامر الذي أدى اوصله الى حدّ تدمير ذاته بذاته، ولم يتمكن من اعادة بناء هذه الذات الاّ عبر بيروقراطية انتجت طبقة من السياسيين العديمين استولدوا مفهوم Médiocratie الذي اوصل الى: شبه انحلال الاتحاد الاوروبي، وغرق الولايات المتحدة الاميركية بأزمات زادتها الجائحة ابعاداّ عالمية…
أما الشرق فغريق بـ”عصر الرماد”، حيث الغاء قدرة العقل على تأطير الحياة، فلا سيادة إلا لرماد البشر والمدن. وقوام هذا العصر 3 مقومات مزدوجة: الانهيار والدمار، رسم خطوط الفصل واعلاء حدود الموت، التصارع حتى ما بعد افناء البعد الحضاري. وسبب ذلك عاملان: الانجراف الديني الأحادي واعلان تملّك الله وإلغائية الآخر المختلف، وتأليه التكفير وتسلّط جنوح رغباته. الامر الذي أدّى الى استسهال العبودية: للحرف والتطرّف.
لبنان في جهنم، نموذج للعصرين، وضحيّتهما… الى ان يلتهم “غودزيلا” العالم، أزلامه والغلمان.
غدي م. نصر