الدرّاجة الهوائية والسلطة الفراغية!
غادر رئيس الوزراء الهولندي “57 عاماً” مبنى رئاسة الحكومة بعد تسليمه الحكم لخلفه! بالنسبة إليهم هو خبر عادي كغيره من الأخبار! لكن غير العادي بالنسبة إلينا ولغيرنا! هو أن “مارك روته” لم يغادر الرئاسة وعمره فوق الثمانين! لم يغادر محمولاً على الآكف في نعش! ولا مرفوعاً على أكتاف الأزلام! ولا مدفوعاً على كرسي متحرّك! وعينه على الكرسي السابق! لم يخرج من القصر ليدخل السجن! غادر وحساباته المصرفية هي هي وممتلكاته كما هي! لم ينتظره على الباب تطبيل وتزمير! ولا صفير ولا نفير! لم يكن بوداعه الخدَم والحشَم! لم يحتشد حوله المتزلّفون والمصفّقون! ولم ينتشر حواليه الشتّامون والشامتون! لم يقتنِ هاتفاً ذكياً حديثاً بل ظلّ وفياً لهاتف نوكيا القديم! لم ينتقل إلى منزله بسيارات فارهة! أو برفقة مرافقين مسلّحين! خرَج من المبنى الحكومي بمفرده واستقلّ دراجته الهوائية ليعود إلى حياته المدنية في دولة عصرية! نفتقدها كثيراً في بلادنا في زمن السلطة الفراغية والفراغات الهوائية والكومبينات البحرية والصفقات البرّية! في ظل الطبقة المافياوية والدولة المهترية!
انطوان ابوجودة