السقوط الكبير!
هل بعدُ من دولة لبنانيَّة؟
ليس السؤال موضع مماحكة، ولا إسرافاً في مبالغة. فما يحصل يؤكد انّ هذه الدولة، بمعالمها ومؤسّساتها ورمزيّتها، أسيرة السقوط الكبير.
هي سقطت بالضربة القاضية لحزب يدّعي استمداد مشروعيّته من العزّة الألهيّة، ومنها إختطّ مشروعاً لا تعرف إمتداداته الإستراتيجيّة لا أولويّة شريعة ولا جغرافيّة شرعيّة. ومنها أيضاً يفرض املاءاته التي تتمّ المراكمة عليها لتدّجين كلّ شيء وإسكات كلّ أحد أو “قبعه” عند الحاجة.
فهل يمكن إغفال ما تمّ إيصال القضاء اليه، لا سيّما لجهة المقايضة بين الملّفات المتعارضة، التي يدور الصراع حولها، على حدّ السيف، وفرض وقائع يستدرج فيها الحزب عينه الجميع، فيهدّده بإنفجار كبير، في حال الإصرار على مواقف مغايرة؟ ومن يتذكّر أنّنا أمضينا اكثر من سنة من المماحكات حول من يحصل على الثلث في حكومة دمى والبلد ينزف حتى الرمق الأخير، بحجّة أنّ من يمتلكه إمتلك القرار؟ ومن يذكر أنّ هناك من تباهى بتحقيق نصرٍ “واسترجع حقوقاً بحصوله على النصف وحبّة مسك” في حكومة يا غافل إلك الله التي لم ترَ ولم تسمع ولم تتكلّم، وطارت من أولى جلساتها بمجرّد غضب الحزب الألهوي ونصيره من مدّعٍ عام إستدعى للتحقيق، في أكثر الجرائم الجماعيّة هولاً في لبنان، اثنين ونصف من أتباعهما؟
هذا أمر لا جدال فيه، لكنّه ليس الدليل الأوحد للسقوط الكبير. فلبنان ضحيّة جريمة ثلاثيّة أكبر: تحويل الدستور ممسحة، وتزوير الميثاقيّة بحيث لم تعد فنّ إدارة العيش معاً بل غوايةَ الغاءٍ بالمذهبيّة، والسطو على المال العام والخاص مع تدمير عدالة المساءلة والمحاسبة.
متى ندرك أنّ، وحدها، الدولة تضمن وحدة البلاد، والمساواة، في ظلّ العدالة والتعدّد والحريّات؟ متى نصرخ معاً أنّ الدولة لا تقوم الّا بسيادة تامّة لا بندقيّة خارجها؟
بغير ذلك…سيجرفنا حُكماً السقوط الكبير الى هوّة التاريخ.
غدي م. نصر