الصامت الأكبر.. أيها الوطن!
أعلم انك غاضب منا وعاتب علينا، نحن منذ سنوات عديدة نتعلّم الرسم في جسدك الجميل دون موهبة، ونتطاول على براعمك الملوّنة دون تهذيب، ونبصق في مياهك كلاماً نخاله بطولة ودهاء وحكمة، ونحقن شرايينك النقيّة سمّا وسخفاً وتفاهة.
نحن الذين جعلنا من ارضك مخدّة لقنابلنا واستبحنا لأنفسنا حق الدفاع عن الذين نخروك بحرابهم وعذّبوك بمكائدهم وجرّبوا ان يقطّعوا اوصالك وانت صامت لا تتكلّم…
لقد برهنت يا وطني انك الاعظم والاكرم والابقى، فعطاؤك غير المحدود، غريب لا يفسّر، وما يحيّرني فيك انك رغم كل الآلام التي انزلناها بك، والجراح التي زيّنا بها ضلوعك والتشويه الذي احدثته مستحضرات التجميل في وجهك، ما زلت صامت ترفض معاقبتنا.
لا أدري ربما لانك اخترت طريق العظماء للتعبير عن مشاعرك ولجأت الى السحر في تجديد جمالك فلم نتمكن من فهمك وادراكك..
أيها الوطن.. اننا نعود اليك مع طيور النورس وأشرعة المستكشفين لحمايتك من الغرق سوف تكون الحب الاول والاخير، وسنحاول من جديد ان نلامس ونلاطف شعرك الأسود، وسنعلّم اطفالنا ان الولادة هي المحبّة والمحبّة هي انت…
لقد تدللنا عليك كثيراً، وقسونا عليك كثيراً، وها قد دنا وقتك ايها الصامت الاكبر..
ايتها العرافة، اقرأي للعالم ما لا تستطيع النفس النائمة تحت كثبان الرمال اعلانه اعترافا، قولي لهم انني حاولت تغيير مسيرة الحياة وتشويه وجه الحقيقة واقدمت على الخيانة، ومارست الشذوذ مع نفسي ولم اجد غير تراب وطني مخدّة لدموعي المجمّدة..
جهاد قلعجي