القَرض المطلوب!
يُحكى أنّه كانَ يعيش رجلاً مع زوجتهِ في إحدى القرى اللّبنانيّة المتواضعة التي تمتاز بالمحبّة، فكان هذا الرجل يعمل في صناعة الفحم ولكنّه كان يجد صعوبةً في نقل أكياس الفحم على ظهره لكي يبيعها من أجل تأمين عيشه. وفي فترة من الفترات حيث كان الطلّب على شراء الفحم منه متفاقمًا، عندها طلبت إليه زوجته أن يقصد الأستاذ نبيل المشهود له في الضّيعة حتى يطلب منه قرضًا ماليًّا يؤمن له شراء حمارٍ يسهّل له حمل النّقل، وبكلّ رحابة صدرٍ وافق الأستاذ نبيل لإعطائه القرض الماليّ شرط أن يعطيه رهينةً شعرةً من شاربيه، عندها فكّر طويلاً ورفض في بادئ الأمر إعطاءه شعرةً من شاربيه لدرجة أنّه غادر منزل الأستاذ نبيل متوجّهًا صوب المنزل، محاولاً إخبار زوجته عن طلب الأستاذ نبيل! وبعد حديثٍ طويلٍ معها، اقتنع أن يعطي شعرةً واحدةً من شاربيه مقابل قرض المال.
بعد فترةٍ قصيرةٍ علم جاره بالقرض وكيفيّة الحصول عليه، عندها توجّه إلى منزل الأستاذ نبيل، طالبًا القرض نفسه لكي يتمكّن من شراء حمارٍ يساعد في نقل الفحم أيضًا، عندها طلب منه الأستاذ نبيل الطّلب ذاته لذا، أجابه بكلّ رحابة صدرٍ تفضل يا أستاذ نبيل، هذا المقصّ، فخذ ما شئت من شاربيّ مقابل القرض، فعند ذلك طلب منه الأستاذ نبيل أن يخرج من منزله من دون إعطائه القرض المطلوب.
كم نحن نفتقد إلى مثل هذا القرويّ الّذي رفض في البداية إعطاء شعرةٍ من شاربيه على الرّغم من حاجته الملحّة للمال، فأين نحن من هذا النّوع من الرّجال الشّرفاء الذين يقطعون العهد بوعدٍ أخلاقيٍّ وشرفٍ من أجل الحفاظ على كرامتهم.
إذًا، حلّنا الوحيد من هذه المرحلةٍ الصّعبة هو التّضامن مع الرّجل المضحّي الّذي ما همّه إلا لبنان وأرزه على حساب صحته وراحته وطمأنينته وأخلاقه وحكمته.
هذا ما يريده لبناننا الجريح!
صونيا الاشقر