المكابرة مستمرة!
هي ليست مؤامرة بل مكابرة.
في جمهوريَّة اللايَقين، منظومةٌ تصافَقَت وتحاصَصَت ونَهَبَت المال العام والخاص، وتَحصَنَّت لِنَفسِها بِحُرمَةِ “أهل الحقِّ”. ومَن تجرَّأ على مُجابَهَتِها أو فَضحِ تضامُنِها غدا من “أهل التآمُر”.
والوقوف بوجه “التآمُر” لأجلِ هَدم “الضلال”، حَلالٌ إستَطابَتهُ الطبقةُ الدينيَّة لتَستُرَ فيه عَوراتِ فسادها المُتظهِّرة بما يُضاهي عَوراتِ المافيا المُتحكِّمَة.
وللمصادفة، فإنَّ القائمينَ على الضِفَتين يَستَزيدانِ تَسَلبُطاً بِتَفويضَين من خارجِهما: الأوّل بشريّ حيث أنَّ “الارادة الشعبيَّة” هي التي حَمَلت بـ”أعراسٍ ديموقراطيَّة” الأوَّلين الى جِنان الحُكم، و”الدعوة الإلهيَّة” هي التي رَفَعَت الآخرين الى “علياءِ المقاماتِ” بـ”نَفَحاتٍ روحيَّة”.
وبِهَدَفِ مَحضِ صدقيَّةٍ لِمَا يتبارى هؤلاء مجتمعين على المجاهرةِ بِهِ، يتَّخِذون وضعيَّة الضحيَّة: فهذا “ما خلّوه”، وآخر “فريسة كمائن”، وثالث “مِن الفقراء وإليهم”… وبذَرفِ الدموعِ ينتهونَ جميعاً، هذا “مذبوحاً من الألم” وذاك “للحال المأسويَّة التي بَلَغناها”، وثالث “لأنَّنا كيف نحنُ الأقوى ولم نستطع قبع قاضٍ”، ورابع يَستبكي نَفسَهُ على “ضَياع هويَّة” وطنٍ أُسِّس بالتضحيات ولم يَعرف ورعيَّته ومؤسَّساته، المتحوِّرة شركاتٍ، المحافَظَة عليه…
وكلٌّ يُصِّر على أنَّه هو الحل لا بل المُنقذ…
هي ليست مؤامرة بل مكابرة.
في جمهوريَّة اللأدَرِيَّة، موفدونَ أجانب: رئيسُ دولةٍ “صديق”، أمين عام أمم متَّحدة، وزير خارجية “شقيق”، عميد سلك دبلوماسي، أمين سرِّ علاقات مع الدول… يأتون، يرون، يبهدلونهم مجتمعين، ويرحلون.
وجميعهم يصُّرون على أنَّ ما يَحملونه هو الحل لا بل هو الإنقاذ…
هي ليست مؤامرة بل مكابرة.
في جمهوريَّة السكيزوفرينيا، شعبٌ يُعرَّى من أدنى مقوِّمات العيش وحقوقه، ويُقطع من جذوره، لكنّه يأبى إلّا أن يرقص بهلوانيَّاً في الدوَّامات الجهنميَّة التي رُمِيَ بِها مع خوارج المجتمع الدولي، وكأنَّ شيئا لم يكن… ليُعيد تأليه من بِهِم، سياسيِّين وروحيِّين ودوليِّين، غدا مَرميَّاً.
هي ليست مؤامرة بل مكابرة.
والأنكى أنَّها مستمرَّة… وبنجاحٍ كبير، فيما لبنان- الحقيقة يزول وحيداً.
غدي م. نصر