الى الذين لم يعرفوا تلك الحقبة…
13 ايّار 1981، لأربعين سنة مضت، تعرّض الحبر الأعظم يوحنا-بولس الثاني الى محاولة اغتيال، مُحكَمة، وسط حشود ساحة القديس بطرس في روما، سينجو منها بأعجوبة على ما سيعترف به امام العالم. يومها توقّف قلب هذا العالم عن الخفقان، لمتابعة تطّورات الوضع الصحّي للبابا صاحب الدويّ: “لا تخافوا! شرّعوا الأبواب والأنظمة للمسيح!”
همّه كان ابداً لبنان!
قبل المحاولة، وفي بداية السنة عينها، قال لوفد نيابيّ لبنانيّ زاره: “التجربة الأقسى ان يتمّ قبول ايّ سلام بأيّ ثمن!”
وبعد المحاولة، ولمّا يزل على فراش العناية، قال: “تفكيري يتّجه الى لبنان المعذّب… طوال اسابيع شفائي، ما إنقطعت عن الصلاة من أجل ارض لبنان الحبيبة.”
هو البولوني، كان لبنانيّاً، وقد اعترف: “انا لبنانيّ أكثر منكم!”
هو الذي أسقط الديكتاتورية الشيوعيةّ، رفض ترجمة تقاسم القوى الدوليّة والأقليميّة لنفوذها الغاءً للبنان واستعباداً لشعبه، وقد كتب: “لبنان أكثر من وطن، انّه رسالة حريّة للشرق كما للغرب!”وما تعب من توجيه اللبنانييّن كيف يقاومون حقاً ويتحرّرون حقاً، بهزيمتهم للتفرقة والاحباط، فلا يكون وطنهم “رهينة الأمم”.
هو الذي غيّر مسار التاريخ، خصّص سينودساً للبنان وحده، دعا اليه مسيحيّين ومسلمين للبحث في كيفيّة استعادة الوجود الحرّ لوطنهم ودوره الحضاريّ، رفضاً لذاك الأتفاق الدولي-الأقليمي الذي وضع لبنان تحت الاحتلال الاسرائيلي-السوري، والغى حضوره، بتوقيع النوّاب اللبنانييّن أنفسهم الذين كان حذّرهم من التخاذل، قبل تلك الأشهر من محاولة اغتياله. وقد تبنّى في خلاصة السينودس مطالب اللبنانييّن، جاعلاً منها خريطة طريقٍ مُلزِمة للكنيسة الجامعة.
13 ايار 2021، بعد اربعين سنة… اللبنانيّون استكانوا في حظائر استعبادهم الداخليّة والخارجيّة، وقد استسلموا ل”سيندروم ستوكهولم”، حيث الضحيّة تنتهي بالتمسّك بجلّادها، والحنين الى من استعبدها، والركون الى انهزاميّة الغربة كما التغرّب عن جوهر ذاتها.
يوحنا-بولس الثاني، عدّ… لبنان الرهينة أرقَدوه في جهنّم! أقِمه للحياة!
غدي م. نصر