امتيازات مقابل الأرواح!
وبسحر ساحر انطلقت فجأة مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل بعدما قرر إمبراطور البرلمان البرّي بَيع الورقة.. للأميركيين طبعا!
لا تسألوا لماذا أتت الهدية لواشنطن مباشرة بعد عرقلة المبادرة الإنقاذية الفرنسية. ولا تستغربوا قول نبيه بري أن هذا الإنجاز سيسمح بتسديد الدَين اللبناني، في وقت لن يأتي مردوده إلاّ بعد 10 سنوات. ولا تتفاجأوا بأن الحوار المباشر مع “الشيطان الإسرائيلي” بات مشروعاً، ولو لمهمة واحدة نعتبرها بداية مسار جديد للثنائي. ولا تسألوا لماذا بدا أمين عام “حزب الله” مربكاً في إطلالته الأخيرة خلافا لعادته، فهو عالق بين المطرقة الإيرانية والسندان الغربي ويحاول تفادي كأس تصادم الشوارع.
لا تسألوا ولا تتساءلوا لماذا هذا التصرّف الأرعن.. لأن سياسيينا المسيّرين باعوا أرواحهم للشيطان لكسب “امتيازات” دنيوية. ولِما العجب، ألم ينحروا وطناً وشعباً برمّته من أجل مصالح خاصة وفئوية؟
الثورة والتدويل!
لا ندري حجم الصفقة الإيرانية- الأميركية، لكننا نعلم جيدا سبب توقيتها وأبعادها اللذين يخدما الرئيس الأميركي الحالي وإدارته على أكثر من صعيد، نكتفي الآن باثنين: تحقيق انتصار جديد يساهم في إعادة انتخاب ترامب، وتوجيه رسالة الى الفرنسيين وغيرهم أن واشنطن هي الحاكم الناهي في المنطقة. لكن بَيع الثنائي أرواحهما “للشيطان” خطأ جسيم، لأن هذا الأخير لن يرحمهم، حتى دنيويا، ولو أُرجأ العصا لفترة.
يبقى السؤال هل سيستفيق أرباب المافيا المحليّة ويعودوا الى المبادرة الفرنسية قبل فوات الأوان؟ أي قبل سفك دماء الأبرياء، فتدويل القضية اللبنانية؟ لأنهم إن لم يرتدّوا سريعاً ستعود الثورة من جديد أكثر قوة وأكثر حزماً، وأكثر تنظيماً، وبدعم غربي وعربي تترأسه الولايات المتحدة كونها صاحبة مشروع محاربة سلاح “حزب الله” من الداخل.
أنذرهم الرئيس الفرنسي بتجنّب الأسوأ ولم يفهموا..فأعذر مَن أنذر!
جوزف مكرزل