بلد أسير تجّار الله..
بالأمس أمَر رئيس حكومة تصريف الأعمال، ووزيره الداخلي، القوى الأمنية بعدم تنفيذ قرارات القاضية عون، غير مبالي لمبدأ فصل السلطات، وحيوية حرية القضاء، ومطالبة مجلس القضاء الأعلى الرجوع عن هذا القرار.
تماما كما في الأنظمة الديكتاتورية: زعيّم يحكم باسم الله، لا يبالي لقضاة يحكمون باسم الشعب؟
القاضية غادة عون ارتكبت أخطاء جسيمة، كما العديد من القضاة وصولا الى رأس الهرم. انها ببساطة جزء من سلطة قضائية سيطر السياسيون عليها منذ الاستقلال حتى اليوم، ما جعل العديد من اللبنانيين يشككون في نزاهة القضاء واستقلاله. لكن حتى الآن، كانت السلطتان التنفيذية والقضائية تصونان ماء الوجه للمحافظة على مكتسباتها أو ما تبقى من مصداقيتها. قد يكون في الأمر بقايا حياء وأدب، مع كم من الخبث والكذب، لكن على الأقل لم يدمّروا الهيكل على رؤوسنا. أما اليوم، السلطة القضائية تشلّها حروب فئوية داخلية وخارجية، والسلطة التشريعية خطفها رئيس مجلس نواب مذهبي يؤجل استحقاق دستوري، والسلطة التنفيذية احتكرها رئيس حكومة طائفي ينتحل صفة رئيس الدولة. وباقي المؤسسات الرسمية في خبر كان، لا موظفين ولا قوانين ولا من يحزنون…
بلد برمته محتجز من قبل تجّار الله.. والشعب يتفرّج!
ملكية الدار ليست بالاحتكار!
آثار كلام نجيب ميقاتي حول نسبة المسيحيين جدلا في غير محله، لأن الحديث اساسا لا معنى له ولا فائدة. انه مجرد قنبلة صوتية لإلهائنا بإثارة العصبيات الطائفية، والتهويل والتهديد بعواقب ليست بيد الميقاتي، ولا حتى بيد غيره من صغار محتكري السلطات في لبنان. نقول “صغار” لأنهم كذلك مهما تطاوسوا وتكبّروا، والقرار الأول والأخير ليس بين ايديهم مهما ادّعوا، بل بين أيدي معلميهم الذين سيساومون عليهم في آخر المطاف.
الميقاتي مرحلي، كما بري، وعون، ونصرالله، وجنبلاط، وجعجع،(مع حفظ الألقاب الفارغة) وغيرهم ممن يعتبرون انفسهم عظماء، وهم زائلون يمرون مرور الكرام ليس الاّ. هذا من أقل الإيمان، يبقى السؤال الى متى؟
الى ان تنتهي المهمة الموكلة لهم، والوقت الباقي أقصر بكثير من الذي مضى.
أما الحديث عن اكثرية واقلية، فكما الذي يطلب من أحد أصحاب الدار بالتساوي، أن يتنازل عن ملكه لأن أفراد من عائلته غادروه.. ملكية الدار ليست بالاحتكار.
جوزف مكرزل