” بَطحةْ العرقْ وواقعنا السياسي”!
عندما يتقدّم المرءُ في العمر، وهو ثريّ، بالطبع تحوم حوله الهتافات، والتبجيلات، والخدمات المتنوعة الأشكال والألوان! وهو الحائر، المسكين، لا يدري كيف سينتفض من هذه الافتراءات الكلاميّة التي همّها “مسح الجوخ”. عندها تهبط الأسئلة على رأسه ومن أهمها: ما سبب كلّ أنواع هذه الاهتمامات؟ هل المال وحده هو الدواء؟ وإلى ما هنالك من الأسئلة، فعند هذا الموقف المُماثِل، يجدر بنا أن نذكر قصّة هذا الرجل الثري، المتقدم في العمر الذي لازم الفراش لسنوات عدة، ولا يقوى على التنقل أبداً حتى لقضاء حاجته. كان أقرباؤه جميعهم حوله، وطبعًا كان ثراؤه لا يوصف، لذا كانت تنهال على رأسه كلّ أنواع الاهتمامات مثل “شموس آب اللهاب”.
شرطه الوحيد من هذه الدنيا “بطحة عرق” يوميًا تشعل حرارة الحياة!
لذا مع كلّ حمامٍ صباحي، تنزل ورقة المئة الدولار بجيب مَن قام بتحميمه، ولكن المئة دولار كانت مشروطة “ببطحة عرق”. بقي على هذه الحال لمدة عشرة أعوام، وهو يتمتع بأحسن حالاته، إلى أن عاد ابنه الوحيد من المهجر وهو مَن كان قد نسي أنّ لديه والداً في لبنان، وعندها بدأت مراسيم الاهتمامات المظهرية. أولها إحضار جمعية أطباء للكشف على والده، الذي خضع للمراقبة الجبرية التي أبعدت “بطحة العرق” من جواره، عندها، لم يمضِ الشهر الواحد حتى بدأت صحته تتدهور، رغم كلّ العناية التي كان يتلقاها. وعند الفراق: لم يتمتم غير: وداعًا يا “بطحة العرق”.
وهذه هي حالتنا في هذا الوطن “بطحة عرق بتمشي الحال” ولكن للأسف مُنعت عن المسؤولين، وبالتالي “أوامر” الخارج يجب أن تنفذ وإلا الآتي أعظم!
فالذي كُتِبَ عليه أن يقع سيقع في موعده، مهما كثُرتِ الانتباهات، ومهما تعالت الافتراضات وتسابقت، لأنّ أقدارنا في لبنان محضَّرة، ومكتوبة، فلا أحد بإمكانه أن يغيِّرَ حرفًا من ناموسها مهما حاول سياسيّونا وجهابذتُنا أن يغيِّروا، فكلّ أمرٍ مُعلَّبٌ في مكان ما، والمواد الحافظة محضَّرة سلفًا من قِبَل مناصب سياسية تحرّك بعض السياسيين في لبنان. وأيُّ نوعٍ من “العَرَق” سيكون الأمثولة اللبنانية التي أشار إليها هذا الرجل ما دامت مواده معلّبة ومحضّرة وجاهزة من الخارج، وبالتالي “يا عمي” خلاصنا موجود! ولكن… عند فئة معينة من السياسيين، الأبطال الذين أهرقوا دماءهم لأجل هذا الوطن.
فما علينا إلا مخاطبة المحلّلين، والمنصفين، لعلّنا نصل إلى اللون الأبيض المعهود!
صونيا الاشقر