تهريب الدولة في دولة التهريب!
غداة كل تهريبة يُطالعنا متثاقل من مسائيل الدولة أكان نائماً في بار..لمان النوائب أم عائماً في مجلس الأوزار! ليتساءل عن المعابر غير الشرعية، وعن تهريب البضائع وعن خسارة الخزينة جرّاء هذا التهريب!
بعضهم قال أن هناك 128 معبراً غير شرعي! وهو رقم يُعبِّر عن نفسه! آخرون رأوا أنها لا تتعدّى الـ 30 أو 20 معبراً! وهو رقم آخر ومعبِّر! وبغضّ النظر عن عددها وعن ضرورة إقفالها! وهي معابر عمرها من عمر دولة لبنان الكبير! يحتمي مهرّبوها الصغار بمهرّبيها الكبار!
إنما التهريب الحقيقي والفعلي لا يتم هناك! بل يَعبر هنا عبر المعابر الشرعية! التي لا يتعدّى عددها عدد أصابع اليد! باعتراف وتعبير أهل الشرعية أنفسهم! فدولتنا التي تعوّدت الهروب إلى الأمام، تتهرّب من جديد من المسؤولية فيُلقي مسائيلها المسؤولية على بعضهم!
يحورون ويدورون، يجتمعون ويتضاربون، ينقسمون ويتطارحون، ليخرجوا علينا! بإجماع! على أن “الأغلبية الساحقة من البضائع المهرَّبة تأتي عبر المعابر الشرعية!” مُطالبين بـ “ضبط الفساد ومحاسبة المهرِّبين وتغريم الجهات المهرِّبة وتوقيف أسماء باتت معروفة..!” إلى آخر المعزوفة!..
حتى رئيس المسائيل يُعلن أن “مَن سيهرِّب من المرفأ سيصطدم بالدولة!” فهل يمكن لأي كان أن يصطدم بنفسه؟! هل يمكن للدولة المهرِّبة والمهرَّبة والمتهرِّبة أن تشرح لنا لماذا لا توقف هؤلاء المهرِّبين؟! وهل يوقف أحد نفسه؟! ما هو جواب دولتنا عن التهرّب الضريبي؟! وهل يضرب أحد ذاته؟! مَن يحمي هؤلاء المهرِّبين؟! وبأي غطاء يحظون؟!
في زمن أضحى فيه كبار المهرِّبين والمهرَّبين أكبر من الدولة!.. مَن يسعى إلى تهريب الدولة لمصلحة دولة التهريب؟!
انطوان ابوجودة