جرأة التخلّي!
لعلّ ما فاجأ الرئيس الفرنسي، اثناء تفقدّه بيروت المنكوبة إثر الانفجار الذي دمّرها، هو مطالبة اللبنانييّن بـ”إعادة الانتداب الفرنسي”، مئة سنة بعد “اعلان دولة لبنان الكبير”… للتخلّص من المافيا الأقطاعيّة الحاكمة.
ولعلّ من المفيد، فيما تتمقطّع المافيا الإقطاعيّة اللبنانيّة بالتمتّرس خلف مزاعم حصاناتها للتهرّب من ايّ مسؤولية، التذكير انّ دمار بيروت كشف تورطّاتها وعرّى إجراماتها، بعدما برعت لقرنٍ في فنون التخفيّ بتقمّص الديموقراطيّة. وقد بانت مثلّثة الاضلاع ومتداخلة في آن.
- عائلية، هي كونسورسيوم خدّامٍ فارغي العقل وعديمي الإرادة، زاحفين امام ايّ اجنبي، ولاحسين لأيّ قفا للحفاظ على القاب تعاليهم، فيما ينمون كفطريات على الجسم اللبناني.
- اقتصادية-ماليّة، هي كونسورسيوم كافة عروض الاحتكارات، لحصريّة الأمساك بمقوّمات التحكّم بشعب، وتالياً نهش الجسم اللبناني.
- ميليشوية، هي كونسورسيوم إرهابييّن امتهنوا أفتك انواع الإذلال، وابتكروا أحدث طرق الإستعباد في تقاسم الجسم اللبناني الذي ابادوه.
ليست هذه المافيا منفصلة عن بعضها البعض –قلناها، فلنكرّر– لأنّ الدليل على تداخلها، واحد مزدوج:
- إستبعادها من ايّ منصب من المناصب التي تتحكّم بها كلّها، لأيّ طاقة فكريّة وعلميّة واخلاقيّة، الى حدّ نفيها عنوةّ، ومن ثم التغنّي –يا للوقاحة– ببقائها خارجاً خدمةً للبنان.
- إستدراج عروضها لأيّ وصاية خارجيّة، مسلّمة ايّاها مفاتيح القرار الداخلي، بكافة اشكاله وعلى ايّ مستوى، والتغنيّ –يا للخبث– بغنى صداقات لبنان.
هي “سكيزوفرينيا” هذه المافيا، التي تدفع مثلاً بزويعم الدروز لإبتكار قواعد الداعشيّة في إبادة احياء شعبه من غير ملّته وامواتهم، مستعيناً بالفلسطيني، والليبي، والمصري،والسوري، والسعودي، والاسرائيلي، والاميركي، والفرنسي…، وتستعجل أب الموارنة لإزالة مذبح كنيسته واخفاء صليب صخر ركيزته للاشادة بمسكونيّة مملكة آل سعود!
يومها، أجاب الرئيس الفرنسي اللبنانييّن بلغتهم: “بحبك يا لبنان”!
أولى علامات الحب: جرأة التخلّي!
إن حقّقنا جرأة التخلّي عن هذه المافيا… نتحرّر!
غدي م. نصر