جلجلة الميلاد!
سلبتم منّا كل شيء حتّى أضواء العيد في الشوارع. قلوبنا متحسّرة ووجوهنا تحاول أن تخفي وراء ابتسامة كاذبة وجع فراق أحباء أجبرنا على العيش من دونهم بلحظة غدر توجّت تاريخ إجرام ما زال مستمراً. نجتمع حول مائدة من حواضر البيت القليلة وهناك كراسٍ فارغة ننظر إليها بغصّة. يقنعوننا بأن الحياة تستمر وأننا شعب يحب الحياة وإرادته قادرة على الانتصار على جميع الظروف مهما صعبت. هذا الكلام الوجداني لن ينسينا الجرائم التي قاموا ويقومون بها بحقنا! كيف نحتفل ونضحك ونفرح وكل مظاهر العيد غائبة ومَن كانوا العيد أصبحوا ملائكة. وملائكة هذا الشعب أصبحوا أكثر منه عدداً وأصغر منه عمراً.
مستمرون بمسرحيات إضاعة الوقت وكراسي المسؤولية بفراغ. مشاوير طالع نازل بين بيت الوسط وبعبدا ومجاكرات وتتييس في محاولة لإقناعنا أن القرار بأيديهم والمماطلة بأيديهم ثم يجاهرون على المنابر بالرغبة الملحّة لتشكيل حكومة بأسرع وقت. وهم لا يوفرون فرصة للتحايل على القوانين والأخلاقيات والإنسانية والواجب في سبيل تحقيق المصالح والنفاد من المحاسبة.
يُشتمون كلّ يوم ويُوبخون ويُنتقدون محلّياً وعالمياً من رجال الدين ونظراءهم السياسيين وشعبهم في الوطن والمهجر “وبيقولوا الدني عم بتشتي”! الشعب جائع مكسور محطّم متسوّل مسروق مغدور مسلوب جميع أوجه الحياة وهم يتبردخون بأمواله ويسكرون على جثثه ويتسابقون على ما تبقى منه ومن أملاكه.
قد تكون ظروف العيد هذا العام قاسية لكنها فرصة لنختبر بها معنى ميلاد السيد المسيح الذي ولد في مذود وهو ملك العالم! هو الذي علّمنا أن نسامح، علّمنا أيضاً أن نقف بوجه الظلم ونقول لا للفساد وإن كانوا قد أفسدوا جميع سبل المحاسبة فلن يقووا على سلطة إله انتصر على الموت وبعد طريق الجلجلة سنقوم ويقوم لبنان!
اليانا بدران