حان وقتُ التطهير!
قول الحقيقة كما هي هو منتهى الحب! وحبّ الإنسان للآخر أو لبيئة معيّنة يُملي عليه قول الحقيقة المجرّدة! ومن رَحِم الحبّ تولدُ الحقيقة قولاً وفعلاً!
سقطت حضارة “الفرنجة” منذ زمن طويل عندما ضربت بمبادئها المسيحانية عُرض الحائط وآخرها مبدأ “الأخوّة والحرية والمساواة”، وعلى أيّ حال هو شعارٌ رنّانٌ استمالَ السُّذجَ وضعيفي النّفوس والعقول، وقد برهنت فرنسا عن خرقٍ لمبدأ العلمانية برفضها المسيحية وتعاليمِ السيد المسيح مرارًا وتكرارًا، يعني بتعبير آخر، برفضِها للآخر. ولم يقتصر الأمرُ على سخرية افتتاح الألعاب الأولمبية منذ بضعة أيّام، بل تعدّاها إلى أبعد من ذلك منذ وقتٍ مضى. وفي جميع الأحوال، جاءت الثورة الفرنسية في العام 1789 فقط لمحاربة الكنيسة في فرنسا ولنسف صيتها العظيم وانتقلت بعدها العدوى إلى الدول الأوروبية الأخرى. ولأنّ فرنسا لطالما عُرفت “بابنة الكنيسة البكر”، لم تكنْ هذه الحقيقة ترضي “جماعات الأخطبوط السريّة” والتي تسلّلت إلى مواطني فرنسا الذين كانوا يعانون بفترة من الفترات من أسلوب الحكم الكنسي-الملكي، والتي دفعتهم الى الإنقلاب على هويّتهم ومجتمعهم، غير أنّ هذا لا يبرّئ ما حدث، لأنّ الحلول الوسطية البديلة كانت مُتاحة. ولكن الإيجابية في كلّ هذا تكمُنُ في أنّ نوايا الجماعات السرية قد بدأت تظهر للعلَن وهو دليل إفلاس وانهيار قريب، وذلك عندما تبيّن أن خططهم لم تنفع في تدمير الكنيسة الجامعة المقدّسة الرسولية حول العالم. لأنّه وكما يُعلنها السيد المسيح: “(…) وأبواب الجحيم لن تقوى عليها”(أي الكنيسة) (متى 16:18). وفي موضعٍ آخر من الإنجيل يقول لنا الرب: “وطوبى لكم إذا اضطهدوكم وافتروا عليكم كلّ كذب من أجل اسمي” (متى 5:11). ويؤكّدها السيد المسيح أيضًا بقوله: “ما من تلميذ أعظم من معلّمه، وحسب التّلميذ أن يكون مثل معلّمه” (لوقا 6:40). ما يعني أنّ لنا الفخر أن نُشتَم على مثال سيّدنا يسوع المسيح، ولكن هذا لا يعني أنّنا سنظلّ صامتين، بل سنقف في وجوه هؤلاء الشتّامين والشامتين عملاء التنين. والغدُ لناظره قريب.
توازيًا لكلّ هذه الأحداث غير الإعتيادية، يدور العالم حول نفسه وبخاصّة الدّول المنخرطة في الحروب الأخيرة وأوّلها إسرائيل التي تُعاين النّتائج وتحصي الأضرار المتوقّعة قبل إضرام نيرانها، وتضع في الحسبان أيضًا أيّ رفعٍ للغطاء الأميركي عن أيّ حرب تشنّها على لبنان. لقد أعطت واشنطن الإذن لإسرائيل بالردّ ولكن المحدود، مانعةً إيّاها من شنّ حرب شاملة.
باختصار، إذا لم تحلّ الضربة الكبرى أو الانفجار الأكبر في لبنان، فعدد كبير من دول العالَم ستكون عمّا قريب تحت وطأة صواريخ الدقيقة منها والعشوائية وقنابل وقذائف وفوضى شوارعية، ومن هنا ومهما تكثّفت المساعي الدّبلوماسية، فهي لن تنفع؛ فالإفلاس الروحي والأخلاقي والسياسيّ حلّ في معظم المجتمعات البشرية، وقد حان موعد التّطهير!
إدمون بو داغر