حرب القدس وقدسية القضية!
عند كل محنة سياسية او اجتماعية حادة يختلق النظام الإسرائيلي سببا لافتعال حرب تعيد لملمة شعوبه المتباينة عرقيا وثقافيا. الانتماء الديني لا يكفي لصناعة وطن، وتكوين مجتمع حقيقي يتطلب أجيالا، وشعبا متجذرا بالأرض لا بالأساطير والمزامير. هذه مشكلة الدولة العبرية التي لا تزال تعتمد على التخويف من “عدو مبيد” لجمع الشمل، على غرار العديد من الانظمة المتضعضعة عبر التاريخ التي اختلقت تهديدا خارجيا لتخطي ازمات داخلية.
العدو المعتمد إسرائيليا ذو وجهين، حماس و “حزب الله”، وشاء القدر لسبب ما ان يختار نتنياهو الفلسطينيين هذه المرة، فوقع في فخ حرب تنزلق نحو المجزرة. علما ان ذبحهم لا يزعجه لأنه سيكسب اصوات الأحزاب المتطرفة فيعود الى الحكم. لكن ماذا بالنسبة الى “حلفائه” العرب؟
“المحافظون الجدد” الخليجيون!
صمت قياديي الخليج واضح وفاضح، انهم اختاروا خندق إسرائيل، لكن الامر لو طال سيسبب لهم مشكلة داخلية، لأن قلب الشعب العربي مع الفلسطينيين ولن يتحمل “بيعهم” من قبل حكامه. كما نخشى ان ينجرّ لبنان مع الوقت في كذبة قديمة اسمها “القضية”.
انها “حرب القدس” بعيدا عن “قضية عربية” لم تعد مقدّسة لدى الخليجيين الذين وقعوا في شرك اسرائيل: ان دامت حرب الإبادة مشكلة، وإن توقفت سنعود الى عملية استنزاف تفرغ عاصمة الديانات من أهلها الأصيلين وتفقدها تدريجا هويتها المسلمة.
مع انتقال السفارة الأميركية الى القدس، أُعطي الضوء الاخضر للإسرائيليين الذين، بعد خسارتهم سيناء دون كسب شعب مصر، قرروا ان يأخذوا المدينة دون مقابل. ومع موافقة دول الخليج التطبيع من دون شروط، تنازلت مسبقا عن القدس، ومعها الأقصى، التي تحجب هيكل سليمان بالنسبة الى اليهود، والتي لا تُعدّ خسارة عربية فقط بل خسارة معلم من اهم ركائز الإسلام. فهل يتحمل “المحافظون الجدد” الخليجيون، الذين يضعون المصلحة الآنية فوق كل اعتبار، مسؤولية انحدار الإسلام ووزر لعنة التاريخ؟
جوزف مكرزل