حكومة تباغض المذهبَين!
أربعون يوما مرّوا على مجزرة بيروت والسياسيون غير مبالين للأرواح الضحايا! بين ثأر الرباعي السنّي وتعنّت الثنائي الشيعي طارت حكومة الاختصاصيين المستقلّين. لا داعٍ للدخول في سجال حول مَن افتتح المبارزة المذهبية القاتلة، لكننا نُحمّل المسؤولين السنّة والشيعة تعطيل المرحلة الأولى من خطة فرنسا الإنقاذية، والنكث بالوعد الذي قطعوه للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، تاركين تباغضهم يطغى على قيامة لبنان. صحيح ان إيران لا تريد التخلّي عن ورقة لبنان قبل الانتخابات الأميركية، لكن كان من الممكن تفادي تطاوس نادي رؤساء الحكومات السنّة الذي أهدى الثنائي مبررا ذهبيا. لا ندري ان كان مصطفى اديب سيقبل ترؤس حكومة “أفضل الممكن” التي يأتمر وزراؤها بأمراء المذاهب، لكننا نقول ان السداسي دمّر بأنانية، وعنجهية، وانعدام المسؤولية، وفقدان الروح الوطنية، ما تبقى من لبنان الكبير و”الوطن النهائي لجميع ابنائه”.
كذبة الوطن النهائي!
لأن “وطن نهائي” لجميع ابنائه لا يفرّق أولاده على أساس طائفي ومذهبي. لأن “وطن نهائي” لا يبنى على مصالح فئوية وهواجس مذهبية. لأن “وطن نهائي” لا يقوم على تقاسم المراكز والغنائم. لأن “وطن نهائي” ليس “مسيحي سياسي” او “سني سياسي” او “شيعي سياسي”. لأن “وطن نهائي” يتطلب رجالاً “رجال” لا يعملون للخارج على حساب الداخل، بل يستثمروا علاقاتهم الخارجية لمصلحة وطنهم وشعبه. لأنهم ضعفاء، وخبثاء، وانتهازيين، ومجرمين. ولأننا ابتلَينا بهم ولا ندري كيف نتخلّص من سمومهم. لكل هذه الاسباب ضاع اول بند في الدستور، وباتت استمرارية الوطن رهن إعادة ترسيم شرق أوسط جديد، وأبناؤه رهن إعادة فرز شعوب المنطقة.
يبقى امل ماكرون!
رغم نكسة الحكومة المستقلة، أكد الرئيس الفرنسي انه سيبقى على وعده انقاذ لبنان. وهو ربما المسؤول العالمي الوحيد الذي لا يزال يدافع عن لبنان كبير تعددي وسيّد على جميع أراضيه. على امل ان يبقى هذا الامل!
جوزف مكرزل