داء نظامي أم مافياوي ؟
يعتبر خبراء غربيون أنه من الصعب أن يحصل لبنان على الدعم المالي الذي يُطالب به لأن حكومته “غير جدّية” بالتعاطي مع عملية الانتشال من الإفلاس. غير جدّية بالشكل كونها أوهمت المانحين المحتملين أنها مستقلّة وتنوي القيام بإصلاحات جذرية واكتفت بترتيبات تعاقب شعبها وليس الناهبين. غير جدّية بالمحتوى كونها لم تستطع احتساب الخسائر وأصدرت أرقاما مطّاطة، مبالغة أو لا واقعية. غير جدّية بالاستراتيجية كون خطّتها اقتصرت على عملية حسابية محض تفتقد لرؤيا اقتصادية شاملة على المدى المتوسط كما البعيد. وأخيرا غير جدّية بتنسيقها لأنها شكّلت وفدا متباينا اختلف أعضاؤه حول تشخيص الداء وتوصيف الدواء.
هذا الإنطباع تشاطره دول غربية وعربية صديقة تحاول مساندتنا جديا لمعالجة الأزمة المالية الخانقة. وقد ذهب البعض إلى حد القول “لا نستطيع مساعدتكم إن لم تبدأوا بمساعدة أنفسكم” مضيفين “نخشى أن يكون المرض المتفشّي في جسم وطنكم لا علاج له في ظل نظامكم الحالي”. أي انه وباء نظامي!
التدحرج شرقا
المؤسف في هذا التشخيص، أنه يُدين النظام، في حين المشكلة تكمن بالمافيات الحاكمة التي ستتأقلم مع أي نظام جديد كونها ترسّخت بشكل أخطبوطي في عمق مكوّنات الوطن الإقتصادية والإجتماعية، ومن الصعب اقتلاعها بسرعة دون إلحاق ضرر كبير في النسيج الوطني.
أما القول أن المسار شرقا ينقذنا، فرغم شكله المنطقي هو ليس واقعياً ويشكّل هروباً إلى الأمام.. بل تدحرج نحو الأسوأ!
يبقى السؤال: هل ستُعيد أميركا النظر في قرارها الغشيم بمعاقبة الشعب اللبناني لاعتبارها أنه “سمح لحزب الله أن يستولي على الحكم”؟ متناسية أن الحزب الإلهي اكتفى بملء فراغ خلّفته هي وحلفاؤها عندما غسلت أيديها من دم اللبنانيين.
جوزف مكرزل