دولة الحسابات أقوى من حسابات الدولة!
في لبنان المحسوبية أقوى من المُحاسبة! في لبنان المَحاسيب أقوى من المُحاسبين! في لبنان “دولة الحِسبة” تتمرّجل على “بائعي الحِسبة” بتهمة بَيع خُضار مُهرّبة وتُصادر بضاعتهم، لكنها لا تسأل كيف دخَلت هذه البضاعة وغيرها من بضائع وفظائع ومن أين؟! ومَن أدخلها ولحِساب مَن؟! في لبنان السلطة المتسلّطة تُسائِل المواطن عن مدخوله وتتساءل على حساباته وتُشاركه في فائدة تعويض نهاية خدمته! وتلاحقه بالأسئلة والاستجوابات إذا حوّل مبلغا محسوباً من المال الى ابنه الذي يُتابع دراسته في الخارج! وتتحرّى عنه وتلفّ حوله إذا تلقّى حوالة حسابية من أحد أقاربه في الاغتراب! لكنها لا تسأل أو لا تجرؤ أن تسأل كيف حُوّلت مئات ملايين الدولارات إلى حسابات سرّية في سويسرا! ومَن حوّلها ومَن يدور حواليها؟! وفي حساب مَن قُيِّدت؟! ولا كيف أتت ملايين مثيلة لها لتصفية حسابات أو لدعم انتخابي لهذا المتزعّم أو ذاك الحزب أو ذلك المتسوّس! في لبنان السلطة المالية تقدّم الهدايا للمصارف عبر هندسة مالية وحِسابية! في لبنان السلطة الطائفية والمذهبية ومحسوبياتها أقوى من سلطة القانون ومحاسبته! في لبنان خطوط حمراء وخضراء وزرقاء وصفراء وبرتقالية تُرسم وتُحسَب حول هذا او ذاك! وتحمي هالك ومالك والقبّاض! في لبنان قطع الحساب تبخّر على حساب قطع أعناق وأرزاق الناس! في لبنان الحسابات السياسية أقوى من الحسابات المالية! في لبنان الحاسوب معطّل والحسابات الدفترية مهترئة! تماماً كما الدولة! في لبنان لا حسيب ولا رقيب! في لبنان حسابات الدولة ضائعة أو مضيّعة! إنما دولة الحسابات حاضرة ناضرة! في لبنان الشعب لا يُحاسِب المسؤول! وفي لبنان المسؤول لا “يعمل حساب” للشعب! في لبنان الحسابات الشعبوية تشعّبت وأطاحت بالشعب! في لبنان تعتاش السلطة من حساب الناس! وفي لبنان تُتناتش السلطة على حساب الناس! في لبنان لم يبقَ غير الآلة الحاسبة يحتسب بها المسؤول فوائد أمواله ويحسب بها المواطن فوائد ديونه!
انطوان ابوجودة