ديمقراطية التشاحن والتطاحن بين السلطات!
نحن نريد فعلاً وبإلحاح شديد وتمنٍّ لا حدود له، إنشاء دولة ديمقراطية حديثة منتجة تتمتع بالقوة والاحترام وتعمل جاهدة من اجل ابنائها، تؤمن لهم الرجاء، والأمن والاستقرار والطمأنينة، وتتعاون مع الشعوب الاخرى على نشر السلام والاطمئنان في ربوع العالم.
ان الافراد يظهرون ويختفون، أما الشعب فهو وحده الذي يبقى، وهو الذي يجب ان يكون أولوية الاهداف وتكرّس لخدمته الجهود، لأن سعادته وحرّيته ورقيّه هي الهدف الأول والغاية العظمى.
ان بلادنا بحاجة الى نظام ديمقراطي سليم يعبّر عن رغبات الافراد ويمثّل ارادته تمثيلاً صحيحاً ولا يحيد عن الاهداف الوطنية المثلى، ولا ينحرف عن المبادئ التي تكفل الخير، وتحمي الحق وتوزع العدل والمساواة وتنشر روح التسامح والتآخي بين بني الانسان.
ان النظام الديمقراطي لا يعني كما يفهم البعض، التشاحن والتطاحن بين الافراد والجماعات والتصادم والتضارب بين سلطات الدولة، واستفحال الأجواء والأنانية الساعية وراء النفوذ الشخصي ما يؤدي الى تضحية ومعاناة الشعب، واستقرار الوضع السياسي وتحديد المسؤولية والانصراف عن المادة والاحقاد والمهاترات الى العمل والانتاج والتعاون المستمر بين سائر السلطات.
ان النظام الديمقراطي الذي نريده في بلادنا يجب ان يستوحي المبادئ الاساسية من الحقوق الانسانية العامة التي اصبحت جزءاً لا يتجزأ من حضارة القرن الحالي، ومثلا مشتركاً اعلى تستهدي به الشعوب الطامحة الى العز، والرقيّ دون ان تتجاهل هذه النظرة الانسانية الشاملة التي تتفق مع اتجاهات المدنية المعاصرة وتطوّر الفكر البشري، فتسلك في ميادين الحياة المختلفة مع ما يتجاوب مع حاجاتنا وتقاليدنا. تستفيد من التجارب وتكفل لشعبها المساواة وتضمن له الحقوق السياسية والاجتماعية والحريات العامة والفرص المتكافئة والعدل الاجتماعي، وتساعد المواطنين على صقل امكانياتهم ومواهبهم وتحريرهم من مخلّفات العهود العقيمة، وغرور الفردية وطيش الارتجال وتبديد الفعاليات دون طائل الى ميدان البقاء الفعلي والاصلاح الجدي والحياة الكريمة التي تسودها الروح الايجابية الخلاقة فنساير بذلك الركب الحضاري، ونخلق مجتمعاً متماسكاً متطوّراً ويعود للبنان صفاء السماء ومجد الجبل.
جهاد قلعجي