“ديوك لبنان على مزابلهم صيّاحون”!
يتلهّى اللبنانيون في ظلّ هَيَجَانِ واضطرابِ أمواجِ الإقليم والعالَم بعاداتٍ دأبوا على ممارستِها منذ عقود وعقود نشبّهها بحياة “الدجاجة والديك داخل الخمّ”: فلان ينتقم من فلان ويطرده من الجماعة أو الحزب. فلان يناكف بجاره أو زميله والخطر على أبواب “القِنّ”. فلان يشجّع هذه الدّولة ضدّ دولة أخرى وقد غابت عنه تفاصيل تاريخية وسياسية قد تجعله يتعمّق أكثر معيدًا حساباته. هذا المسؤول اتّسم بالفساد فيُلقي التّهمة على نظيره. سيطرت الظّلمة على قطاعات ومؤسسات الدولة وطرقات البلد وشوارعه فتقاعس حكّامه وأخذوا يتسوّلون ولو بصيص ضوء فأظهرت الجزائر شهامةً ونخوةً تنقص أوغاد لبنان السياسيين. و”كلّ ديك في لبنان على مزبلته صيّاح”. لذلك، لن يجدي نفعًا حديثنا عن قمامة التصقت مكانها داخل لبنان وحسبت نفسَها نفيسة، فمن الأفضل أن نتناول قضايا الإقليم والعالَم وقضايا وجوديّة أكثر عمقًا.
باختصار، قضايا معظم الأحزاب اللبنانية لم تعدْ “قضايا”، أو بالأحرى، القضايا التي حاربوا وتحاربوا في ما بينهم من أجلها هي في موتٍ سريريّ، والزمن الحاليّ ليس زمنها، لأنها حصرت نفسها بسراديب ضيّقة لا أفقَ لها؛ فهي أحزاب عائلية وإقطاعية وطائفية ومُرتهنة وخطابُها السياسي ضعيف الحجج وليس “بيّيعًا”. للأسف، لم تعرف كيف تعيد تصويبَ بوصلة أهدافها بل استراتجياتها العامة بما يخدم قضايا لبنان المرتبطة بالإقليم والعالَم.
ادمون بو داغر