ذهبَت مع الرّيح … “وكل الحق عَ راجح”!
أتلفوا آذاننا بالكلام عن أهمّية المبادرة الفرنسية وعن كونها الفرصة الأخيرة للبنان ولإنقاذ ما تبقى منه من خلال نَيل ثقة المجتمع الدولي وبالتالي أمواله. وعندما كان الرئيس ماكرون بينهم يوبّخهم على قلّة مسؤوليتهم وجشعهم اللامتناهي أقنعوه وحلَفوا بشواربهم بأنهم موافقون وملتزمون بشروط المبادرة لتأليف حكومة وبالآخر “طلعوا بلا شوارب”!
وبدل تأليف حكومة لوضع البلد على سكّة الأمل بأن يرتقي الى مستوى الوطن يتحاورون حول كيفيّة رفع الدعم تدريجياً عن ما نحن مجبرون على شرائه يومياً كي نبقى ظاهرياً على قيد الحياة. ويومياً نسمع بفضائح صفقاتهم وسرقاتهم وما من يحرّك ساكناً! الملفات موجودة والوثائق واضحة ومفضوحة لكن المفقود الشوارب! والحق دائماً على راجح!
وكي يكتمل نصاب المصائب، القطاع الصحي الذي يواجه باللحم الحي الحالة الطارئة تلو الأخرى من دون أن تحوَّل له الأموال ولا تُصرَف الإعتمادات، وإذا تخطّت المبالغ الروتين الإداري تقع بيَد “شي إبن حلال” قبل أن تبلغ وجهتها. وبدل اتخاذ القرارات المناسبة لتلافي السيناريو الأسوأ يتبارى الوزيران في تقويم الكلام.
نحن لم نفقد فرصة الانقاذ إنما لسنا أهلاً لها. قبل أن نكتسب بعضاً من الأخلاق والوطنية لن نتمكن من بناء وطن أو انقاذ ما تبقى منه.
ولا تستغربوا إن لم نلتزم بإجراءات الوقاية من فيروس كورونا فنحن خسرنا كل شيء وحياتنا لم تعد تهمّنا، لكن ما يمنعنا من الاستسلام ليس حب الوطن أو الأمل بالغد إنما أمنيتنا بأن نرى عدالة السماء تستجيب الى دموع الأمهات وحرقة قلوبنا وتنزل عقابها عليكم!
المبادرة الفرنسية ذهبَت مع الريح والكلام عن استمراريتها يبقى مجرّد كلام. “جرّصتونا قدّام الأجانب وبالآخر الحق عَ مين؟ كل الحق عَ راجح!”
اليانا بدران