روعة الإنهيار الإخير!
لا يُعطى لكثيرين أن يشهدوا إنهيار احلامهم، وبنيانهم، وتطلُّعاتهم. هذا أعطي للبنانيِّين، وهم مغبوطون: يملأون مراتع اللهو، وتدوِّي ضحكاتهم على قحط تهيِّيج الغرائز.
الوطن النازل من فوق ليكون رسالة هدى غدا، بفضلهم مرتعاً للوحوش، ومكبًّاً لنفايات الجوار من نازحين ولاجئين بلغت الى الآن نسبة “حضورهم” هرباً من “الجور السياسي عندهم الذي يطاردهم”: أكثر من 27% من نسبة هذا الشعب الرائع بفراغ غبائه.
“الطبيعة تكره الفراغ وستملأه”. قولٌ بات حتميَّة، لا سيَّما مع تقصُّد وطنٍ بكافة أساسيَّاته.
قليلاً ويزول لبنان إسماً، بعدما زال دولةً وشعباً وحاضر تاريخٍ.
قليلاً ويجري نهر دم جديد لـ “قبع” من تبَّقى من لبنانيِّين صامدين هاهنا، لأنَّهم آمنوا بوطنٍ يكون هدى رسالة، وقد باتوا قلَّةً أكزوتيك تدفنها حيَّة جحافل الإجتياحات المتلاحقة مِمَّن إستطابوا الإستغباء حضوراً يتماهى والأوتو- دعارة… بأكبر مردود، وَمَن أستَعمدوا إستبدال زهو الحياة بإجرام الممانعات، على حدٍّ سواء.
قليلاً، ووسط الخراب وفيه ومعه، بالعنف والعنف المترامي المعاني والغايات، يتسيَّد الإنهيار التامّ، الكامل، الأخير، على من راد الأقطار ينفخ فيها النور بهاءً والبهاء معنى… جاعلاً من ذاته الحصن الأخير للدفاع عن الحضارة.
تلك ذروة الروعة: أن تقف، على إمتداد الحطام، شاهداً أخيرا على ما إعترف به المستشرق برنارد لويس: “معاناة لبنان ليست بسببٍ من أخطائه بل من مزاياه”.
أجل! في هذه الذروة، قبل إسدال الستارة عليها تمهيدا للإنهيارات المستتبعة في مشارق الأرض ومغاربها، سورياليَّة عظمى لم تكن لتبتكرها إلّا محاور الممانعات القاتلة.
ما همّ، طالما وأنت تتمعَّن بهذا السواد المدلهم المبيد لوطنٍ، إن طالعك وجه الصهر النزق يتلو مسبحة بطريركيَّة، بعدما لم يُبقِ حجراً من مداميك أتِّحاد لبنان بالكنيسة، علَّ المرشد الأعلى للظلمات يمنُّ عليه، ذاتَ دهرٍ بالجلوس على خازوقٍ… كان إسمه كرسياً.
تُصبِح على لبنان! تُصبِح على عالم البشر!
غدي م. نصر