ساترفيلد: ترسيم الحدود.. أو الصلح مع إسرائيل؟
تتواتر في كواليس الدبلوماسية السياسية أخبار أعمق من مجرد ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل. ففيما تذهب التقارير الصحفية إلى إحراز تقدم ملموس في الاستعداد للمفاوضات بين إسرائيل ولبنان حول الترسيم بينهما، اجتمع المفاوض ديفيد ساترفيلد في إسرائيل نهاية الأسبوع الماضي مع وزير الطاقة، يوفال شتاينتس، ومستشار الأمن القومي، مئير بن شبات، ليصل الطرفان إلى تفاهمات بخصوص توقيع مذكرة “نوايا مشتركة” لإسرائيل ولبنان “تمهيدا للمفاوضات الثنائية”، تشترط فيها إسرائيل – لذر الرماد في العيون – أن “تقتصر على ترسيم الحدود البحرية وأن تتم تحت رعاية أميريكية لا أممية، وألا تتجاوز الستة شهور”.
لكن ساترفيلد، الذي يعرف ما يريده اللبنانيون، كما يعرف ما تريد زوجته قبل النوم، اتفق مع الرئيس بري أن تشمل المباحثات حدود البحر والبر، وأن تستمر إلى ما لا نهاية “مباشرة بين لبنان وإسرائيل” وإن برعاية أميريكية. وبري، داهية السياسة اللبنانية الذي يعاني من التعامل مع إيران و”حزب الله”، يشدّ به التوق إلى لبنان الأصيل، ولا يرى غضاضة في مقاربة الصلح مع إسرائيل عن طريق هذه المفاوضات، بعد أن رأى دول الخليج العربي تتهافت تشمّر للحاق بركب الدول العربية المتصالحة معها. وعليه، يرى في ساترفيلد هبة إلهية ربما توصله تواقتياً، ومعه كافة الساسة اللبنانيين الذين لا يصرّحون بما يرغبون كزوجة ساترفيلد، إلى ما تسعى إليه بقية الدول العربية التي لا تزال أيضاً تُمسك عن الكلام المباح.
مفاوضات اللانهاية
هذه المفاوضات التي ستستمر كما يرى نبيه بري وساترفيلد معاً، إلى ما لا نهاية، سوف تشكل “جبهة سلم” تقارع ببطء ولكن بثبات، “جبهة الحرب” التي لا تزال إيران تؤجّجها في لبنان لمنازلة “العدو الصهيوني”. وسيكون النصر للأولى باعتبار ما يعانيه الفرس حالياً من تراجع إقتصادي يتخطى حدود التقشف، وينعكس سلباً على تمويل “حزب الله” الذي لجأ أخيراً لالتماس المساعدات في الشوارع اللبنانية. لكنه يعلم أن الضغوطات الإقتصادية سوف تشتد عليه بمقدار اشتدادها على إيران من الشيطان الأكبر، وأن البحبوحة الإقتصادية المنتظرة في لبنان لن تتحقق قبل استخراج النفط والغاز، الذي أصبح رهينة بترسيم الحدود، وجميعها أهداف تبدو متباعدة.
د.هادي ف. عيد