سينودس خاصّ بالمرأة؟
ورد في البيان الأخير لسينودس أساقفة الكنيسة المارونيّة الملتئم في بكركي من 7 إلى 17 حزيران 2023، مسألة هامّة ولطالما كانت حديث الأجيال والعصور، والسيّد المسيح نفسُه أرساها وأسّس لها برسالته التبشريّة على الأرض، وهي “دعوة المرأة ورسالتها في تدبير الله وحياة الكنيسة والمجتمع”. وهذا العنوان هو تقرير صادر عن مكتب راعويّة المرأة التّابع للبطريركيّة المارونيّة- بكركي والذي يعمل منذ ثلاث سنوات على تحضير سينودس خاصّ بالمرأة.
يمثّلُ مشروع هذا السينودس المقبل الخاصّ بالمرأة، خطوة جديدة داخل الكنيسة المارونيّة، ولفتة إضافيّة نحو دور المرأة في العمل التبشيري (الكنسيّ) والإجتماعيّ، لاسيّما وأنّه يشكّل صدًّا واعتدالاً في وجه التيارات النسويّة المتطرّفة، feminism. وفي هذا السّياق لابدّ من التّنويه إلى “لاهوت المرأة” كما تعلّمه الكنيسة وإلى رسالة البابا القديس يوحنّا بولس الثاني بعنوان “كرامة المرأة”. هذه الكرامة التي أعادها المسيح بعدما كانت مفقودة في مجتمع اليهود آنذاك.
ليسَ حضور المرأة الفاعل في الكنيسة وعمل البشارة “منفّرًا” و”مشكّكًا”، وليس حكرًا على الرّجال، كما تنادي بعض التيّارات (…)؛ لم يكن يسوع المسيح يومًا صاحب تعليم متطرّف وتكفيريّ؛ لقد لعبت النّساء في زمن المسيح دورًا هامًّا في عمل البشارة والمساعدة وشكّلنَ سندًا للرّسل، (بتولات ومتزوّجات). وها هو العهدُ الجديد يأتي على ذكر عددٍ من النّساء المقرّبات من يسوع المسيح، وفي مقدّمتهم أمّه مريم العذراء ومريم المجدليّة كأوّلِ شخصٍ يرى يسوعَ بعد قيامته، وقد كلّفها بإعلان الخبر السارّ،(مرقس 16: 9). وهذا دليل على مكانة متميزة تمتعت بها المرأة منذ نشأة المسيحيّة، في زمن كانت شهادة المرأة فيه باطلة، حيث كانت تُعَامَل كمخلوق ناقص.
وتردُ قصّةٌ أخرى في إنجيل (مرقس 5: 23-34) عاكسةً تحدّي يسوع للأعراف الثقافية اليهودية في ذلك الوقت، حيث قرّرَ أن يشفي امرأةً ظلت تنزف لمدة 12 سنة، وهو ما كان محرّماً وفقاً للشريعة اليهودية، حيث يتم استبعاد النساء المماثلات. وبذلك يكون يسوع قد شفى النّساء والرّجال على حدّ سواء، ودون تمييز، ومنهنّ حماة بطرس التي كانت محمومة.
ناهيك عن أن أناجيل العهد الجديد، ولا سيما في إنجيل لوقا، كان يسوع يتحدث مباشرة مع النساء ويقدم لهنَّ المساعدة علنًا. فأخت مرتا (مريم) تجلسُ عند قدميه بينما هو يشرح تعاليم الشريعة، وهذا كان امتياز يحظى به الرجال فقط في اليهودية. فجاء يسوع ليخرج عن المألوف، ويخصّصَ لنفسه أتباعًا من النّساء حظين برعايته (لوقا 8: 1-3). وعلى طريق الجلجثة أمرَ النّساء بالتوقّف عن البكاء والنَّحيب وهو في طريقه ليُصلب (لوقا 23: 26-31). إضافةً إلى أنّه نهى الرّجال عن طلاق نسائهم وقال صراحة: “إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إلاَّ لِعِلَّةِ الزِّنَى يَجْعَلُهَا تَزْنِي، ومن يتزوّج مطلّقة فإنّه يزني” (متى 5:32)، وفي هذه الآية وضع معايير أخلاقية وروحية للرّجال في كيفيّة احترام نسائهم والنّساء عامّة. وسواها العديد من الأمثلة في هذا المضمار.
في المحصّلة، إذا كان المعلّمُ الأوّل قد كسر قيود المألوف، فكيف لا تخصّص الكنيسة المارونيّة سينودسًا خاصًّا بالمرأة؟
إدمون بو داغر