شعبٌ نهضويٌّ مُقابل سلطةٍ جَاحِدة!
صُلِبَت بيروت على جُلجُلَة المرفأ، وخَيَّمَت صورةُ المُضرّجين بالدّماء على ملامحِها! إفتَدَتالعاصمة بهذه الصّورة العظيمة والمفجوعة في آنٍ واحدٍ شعبًا جبّارًا بإيمانه وصلابة إرادتِه، ولكنّها لن تفتدي عصاباتٍ مُجرمة بحجمِ رذيلةٍ ووباءٍ سياسي واجتماعيّ حَرَقَت أرضَ الرّسالة. لقد تجلّت صورةُ بيروت بنهوضِها من جديد من “تحت الرّدمِ” باتّحادِ أبنائها الأبطال، وهم مواطنون من مُختَلِفِ الأطياف والجمعيّات الأهليّة NGOs، والدّفاع المدنيّ والصّليب الأحمر وسِواهم من أصحاب الإرادت الطيّبة. إنّها المدينة التي انطَبَعَت فيها ملامحُ شُهدائِها القدّيسين، ولا نبالغُ بتسميتهم “قدّيسين” وهو وسام الشّرف الإلهيّ الذي لا يليقُ إلاّ بهم، هُمُ الذين رَوَوا أرضَ مرفأ العاصمة بدمائهم وافتَدَوْها من زُمراتٍ ميليشياويّة تحكّمت بها لسنوات عِجاف!
كلّ هذا، والسّلطة تتَمادى في تَرَفِ إنكارِها للواقع المرير، سُلطةٌ مُطابقة لمواصفات كلّ مشتقات الفساد (إنحراف، جُنُوح، خَلَلل، سفاهة، فُجور، نفاق، إلخ). سُلطةٌ من “عاليها إلى واطيها” تُتاجرُ بأرواح شعبِها وتأكلُ من تَعَبهومالِه وتنامُ على حساب راحته، وقد أثبتت على أنّ جزءًا منها بطّالٌ و”إجر كرسي”، والبعضُ الآخر عصابة خرّيجةُ مدارسِ الموت. سُلطةٌ تداولت الكتمان حول نيترات الموت لسنواتٍ، تمامًا كما تداولت المُحاصصات الدّنيئة، إلى أن تفوّقت عليها كلبةٌ تشيليّة “برتبة قائد”.
وعلى خطّ متوازٍ، وما يحفُرُ مكانَه في إطار المُبادرات الدّوليّة الأخيرة، رسائلُ أمينِ سرّ دولة الفاتيكان بيترو بارولين المتقدّمة برمزيّتها وجرأتها إلى أركان دولة علي بابا، إذ توجّه إلى الشّعب بعبارات الأمل، مؤكّدًا لهم أنّهم ليسوا متروكين! إنّها حقيقة نظرة الفاتيكان إلى لبنان الرّسالة منذ نشأة المسيحيّة، (إستنادًا إلى مراجع كتابيّة كنسيّة، سنأتي على ذكرها قريبًا). والمعروف أنّ الكرسيّ الرّسوليّ لا يتعاطى ببرودة مع اللّبنانيّين، ويملكُ قدرةً على دول القرار.
إدمون بو داغر