شعوب لبنان والشرق المتناحرة!
لنترفّعْ ولنرتقِ في هذا المقال وَلَوْ إلى حالة جميلة ولو من الهَذيان
لبنان اليوم هو التّائه أكثر من ذي قبل! لبنان من أكثر الدّول التي لم تحصل على استقلِالها التّام والمُنجز لغاية هذه السّاعة، وكلّما تقدّمنا بالسّنوات أكثر، كلّما تجلّت عوراتُ الدّاخل اللبنانيّ للخارج. والحقيقة هي أنّ جزءًا كبيرًا من اللبنانيّين هم مجموعة شعوب متناحرين، لا يأبهون بالإستقلال الموحّد ولا بوطنٍ سيّد قراراته وصاحب سيادته برًّا وبحرًا وجوًّا. شعوب هذه المساحة التي أطلق عليها اسم لبنان منذ عهود الأنبياء همُّها منذ الفينيقيّين التّرحال عبر البحار والإلتجاء لعشائرِها والإستقواء بها عند كلّ خلافٍ مع الشّريك في الأرض نفسها. فمتى سيحين وقتُ اعلان الإستقلال المنجز والقوميّ لهذا البلد؟ أم أنّ الحالة التي هو عليها هي مثاليّة ولم تتجلّى أمام أنظارِنا حقيقة وضعنا؟
نهاية الأنظمة الحاليّة آتية لا مَحَالة، فما هي الفائدة من المراهنات على الدّول حتّى النّفس الأخير واقتناء أسلحة مدمّرة لإنشاء دُوَيْلاتٍ داخلَ الدّول، وما نفع تدمير مناطق برمّتها وهتكِ دماءِ شعوبٍ بريئةٍ لتقسيم منطقة الشّرق الأوسط والإستيلاء على ثرواتها الطّبيعيّة والنّفطيّة. ماذا ينفع الإنسان لو ربحَ دولتَه أو بلده الّذي قرّره وَرَسَمه هو بنفسه، وخَسِرَ رسالته الكونيّة غير المحدودة؟!
لنطلق لمخيّلَتِنا العَناء، دعونا نوْمنُ بعقيدة ودستور “مواطن العالم”، وإسقاط الجمارك وتأشيرات الدّخول (…). دعونا نوْمنُ بأرض اللّه الواسعة، الّتي وَهَبَها للإنسان وأوْكَلَه رعايَتَها والعناية بها، وليس استغلالها بأيادٍ سوداءَ قذرة. وحيث يحطّ الإنسان رحَالَه يكون موطنُهُ الموقّت. والهدف الأسمى من دستور “مواطن العالم” هو إحلال السّلام على الكرة الأرضيّة. وقد يطول الشّرح والإستفاضة عن هذه النّظريّة، ولكن نكتفي بهذا القَدر.
إدمون بو داغر